وقوله تعالى : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (البقرة : ٢٢٣) ؛ لأنه لمّا كان يحتمل معنى «كيف» و «أين» احترس بقوله : (حَرْثَكُمْ) ؛ لأن الحرث لا يكون إلا حيث [تنبت] (١) البذور ، وينبت الزرع ، وهو المحل المخصوص.
وقوله : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (الزخرف : ٣٩) ؛ وذلك لأن الاشتراك في المصيبة يخفف منها ، ويسلي عنها ؛ فأعلم سبحانه أنه لا ينفعهم ذلك.
فائدة
٣ / ٦٨ عاب قدامة (٢) على ذي الرّمة (٣) قوله :
ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى |
|
ولا زال منهلاّ بجرعائك القطر |
فإنه لم يحترس ، وهلاّ (٤) قال كما قال طرفة :
فسقى ديارك غير مفسدها |
|
[صوب الغمام وديمة تهمي] (٥) |
وأجيب بأنه قدّم الدعاء بالسلامة للدار.
وقيل : لم يرد بقوله : «ولا زال منهلاّ» اتصال الدوام بالسّقيا من غير إقلاع ، وإنّما ذلك بمثابة من يقول : ما زال فلان يزورني ، إذا كان متعاهدا له بالزيارة.
__________________
(١) ساقط من المخطوطة.
(٢) هو قدامة بن جعفر بن قدامة الكاتب ، تقدمت ترجمته في ١ / ١٥٦.
(٣) هو غيلان بن عقبة بن بهيس بن مسعود العدوي من مضر ، أبو الحارث ذو الرمة شاعر من فحول الطبقة الثانية في عصره ، قال أبو عمرو بن العلاء : «فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمّة» وكان شديد القصر دميما يضرب لونه إلى السواد ، أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال ، وامتاز بإجادة التشبيه. توفي بأصبهان وقيل بالبادية سنة (١١٧ ـ ه) (ابن قتيبة ، الشعر والشعراء ص : ٣٥٠) و (الزركلي ، الأعلام ٥ / ١٢٤)
(٤) في المخطوطة «وهذا».
(٥) هو طرفة بن العبد بن سفيان وهو صاحب المعلقة المشهورة ومطلعها «لخولة أطلال ببرقة ثمهد» وله بعدها شعر حسن وليس عند الرواة من شعره إلا القليل وكان في حسب من قومه جريئا على هجائهم وهجاء غيرهم ، وكان قد تناول بهجائه عمرو بن هند فأرسل إليه وكتب إلى عامله في البحرين فقتله (ابن قتيبة ، الشعر والشعراء ١٠٣ وأما بيت الشّعر في (ديوانه ، طبعة دار صادر ص : ٨٨).