فصل (١)
والحذف خلاف الأصل ؛ وعليه ينبني فرعان :
أحدهما : إذا دار (٢) الأمر بين الحذف وعدمه كان الحمل على عدمه ، أولى ، لأن الأصل عدم التغيير.
والثاني : إذا دار الأمر بين قلة المحذوف وكثرته ؛ كان الحمل على قلّته أولى.
ويقع الكلام [في الحذف من] (٣) [على] (٤) خمسة أوجه : في فائدته ، وفي أسبابه ، ثم في أدلته ، ثم في شروطه ، ثم في أقسامه.
الوجه الأول في فوائده :
فمنها التفخيم والإعظام ؛ لما فيه من الإبهام ، لذهاب الذهن في كلّ مذهب ، وتشوّقه (٣) إلى ما هو المراد ، فيرجع قاصرا عن إدراكه ، فعند ذلك يعظم شأنه ، ويعلو في النفس مكانه. ألا ترى أن المحذوف إذا ظهر في اللفظ زال ما كان يختلج في الوهم من المراد ، وخلص للمذكور (٥)! ٣ / ١٠٥ ومنها : زيادة لذة بسبب استنباط الذهن للمحذوف (٦) ، وكلّما (٧) كان الشعور بالمحذوف أعسر (٨) ، كان الالتذاذ (٩) به أشدّ وأحسن.
ومنها : زيادة الأجر بسبب الاجتهاد في ذلك ؛ بخلاف غير المحذوف ، كما تقول في العلّة المستنبطة والمنصوصة.
ومنها : طلب الإيجاز والاختصار ، وتحصيل المعنى الكثير في اللفظ القليل.
ومنها : التشجيع على الكلام ؛ ومن ثم سماه ابن جني (١٠) : «شجاعة العربية».
ومنها : موقعه في النفس في موقعه (١١) على الذكر ؛ ولهذا قال شيخ الصناعتين عبد القاهر
__________________
(١) في المخطوطة (مسألة).
(٢) في المخطوطة (أراد).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (المذكور).
(٦) في المخطوطة (بالمحذوف).
(٧) في المخطوطة (كلما).
(٨) في المخطوطة (أحسن).
(٩) في المخطوطة (كالالتذاذ).
(١٠) انظر الخصائص ٢ / ٣٦٠.
(١١) في المخطوطة (موضعه).