البحث
البحث في البرهان في علوم القرآن
إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (التوبة : ٣) ، وقوله : إن هذا ليس من مواضع الابتداء لجواز تقدير : وأذان بأن الله بريء ، وبأنّ رسوله كذلك.
وضع جمع القلة موضع الكثرة
لأن الجموع يقع بعضها موقع بعض ، لاشتراكها في مطلق الجمعية ، كقوله تعالى : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) (سبأ : ٣٧) ، فإن المجموع بالألف والتاء للقلة ، وغرف الجنة لا تحصى.
وقوله : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) (آل عمران : ١٦٣) ، ورتب الناس في علم الله أكثر من العشرة لا محالة.
وقوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) (الزمر : ٤٢).
وقوله : (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (النمل : ١٤) ، وهو كثير.
[و] (١) قيل : [سبب] (١) ذلك في الآية الأولى دخول الألف واللام الجنسية ؛ فيكون ذلك تكثيرا لها ، وكان دخولها على جمع القلة أولى من دخولها على جمع الكثرة ، إشارة إلى قلة من يكون فيها ، ألا ترى أنّه لا يكون فيها إلا المؤمنون! وقد نصّ سبحانه على قلّتهم بالإضافة إلى غيرهم في قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ) (ص : ٢٤) ، فيكون التكثير الداخل في قوله : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ) (سبأ : ٣٧) ، لا من جهة [وضع جمع القلة موضع جمع الكثرة ؛ ولكن من جهة] (١) ما اقتضته الألف واللام للجنس.
واعلم أن جموع التكثير الأربعة وجمعي التصحيح (٢) ـ أعني جمع التأنيث وجمع التذكير ـ كل ذلك للقلّة ؛ أما جموع التكسير فبالوضع ، وأمّا جمعا التصحيح ؛ فلأنهما (٣) [أقرب] (١) إلى التثنية ؛ وهي أقل العدد ، فوجب أن [يكون] (٤) الجمع المشابه لها بمنزلتها في القلّة ، وما عداها من الجموع فيرد تارة للقلة وتارة للكثرة بحسب القرائن ، قال تعالى :
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (التخصيص).
(٣) في المخطوطة (فلأنه).
(٤) ليست في المخطوطة.