الوجه الرابع في شروطه :
فمنها : أن تكون (١) في المذكور دلالة على المحذوف ؛ إما من لفظه أو من سياقه ، وإلا لم يتمكّن (٢) من معرفته ، فيصير اللفظ مخلاّ بالفهم. ولئلا يصير الكلام لغزا فيهجّن في الفصاحة ، وهو معنى قولهم : لا بد (٣) أن يكون فيما أبقي دليل (٤) على ما ألقي.
وتلك الدلالة مقالية وحالية.
فالمقالية قد تحصل من إعراب اللفظ ، وذلك كما إذا كان منصوبا ، فيعلم أنّه لا بدّ ٣ / ١١٢ [له] (٥) من ناصب ، وإذا لم يكن ظاهرا لم يكن بدّ من أن يكون مقدّرا ، نحو : أهلا وسهلا ومرحبا ، أي وجدت أهلا ، وسلكت سهلا ، وصادفت رحبا. ومنه قوله [تعالى] (٦) : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) (٦) (الفاتحة ٢) على قراءة النصب (٧). وكذلك قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) (النساء : ١) والتقدير : احمدوا الحمد ، واحفظوا الأرحام ؛ وكذلك قوله تعالى (٨) : ([صِبْغَةَ اللهِ] (٨) وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (البقرة : ١٣٨). (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (الحج : ٧٨).
والحالية (٩) قد تحصل من النظر إلى المعنى والعلم (٩) ؛ فإنه لا يتمّ إلا بمحذوف ، وهذا يكون أحسن حالا من [النظم] (١٠) الأول لزيادة عمومه ، كما في قولهم : فلان يحلّ ويربط ، أي يحلّ الأمور ويربطها ، أي ذو تصرّف.
وقد تدل الصناعة النحوية على التقدير ؛ كقولهم في : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (القيامة : ١) : [إن] (١١) التقدير لأنا (١٢) أقسم لأنّ فعل (١٣) الحال لا يقسم عليه. وقوله تعالى :
__________________
(١) في المخطوطة (يكون).
(٢) في المخطوطة (تتمكن).
(٣) في المخطوطة (إلا) بدل (لا بد).
(٤) في المخطوطة (دليلا).
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) وهي قراءة هارون العتكي ، ورؤية ، وسفيان بن عيينة (أبو حيان ، البحر المحيط ، ١ / ١٨).
(٨) في المخطوطة (وقوله) بدل (وكذلك قوله تعالى).
(٩) ليست في المخطوطة.
(١٠) تصحفت العبارة في المطبوعة إلى (قد تحصل من النظر إلى المعنى والنظر والعلم). وما أثبتناه من المخطوطة.
(١١) ساقطة من المخطوطة.
(١٢) في المخطوطة (لا أنا).
(١٣) في المخطوطة (فعله).