إن شرخ الشّباب (١) والشّعر الأس |
|
ود ما لم يعاص كان جنونا (٢) |
ولم يقل «يعاصا».
ومنها قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) (الأحزاب : ٩) وقد جعل ابن الأنباري (٣) في كتاب «الهاءات» ضمير (لَمْ تَرَوْها) راجعا إلى الجنود.
ونقل عن قتادة قال : «هم الملائكة» (٤) ، والأشبه أن يأتي هنا بما سبق.
ومنها قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) (التوبة : ٦٢) فقيل : «أحقّ» خبر عنهما ، وسهل إفراد الضمير بعدم إفراد «أحقّ» وأنّ إرضاء الله سبحانه إرضاء لرسوله.
وقيل : «أحق» خبر عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وحذف من الأول لدلالة الثاني عليه.
وقيل : العكس ، وإنما أفرد (٥) الضمير لئلا يجمع بين اسم الله ورسوله في ضمير واحد ، كما جاء في الحديث : «قل ومن يعص الله ورسوله (٦)» قال الزمخشري (٧) : قد يقصدون ذكر الشيء فيذكرون قبله ما هو سبب منه ، ثم يعطفونه عليه مضافا إلى ضميره ، وليس [لهم] (٨) قصد إلى الأول كقوله : سرّني زيد وحسن حاله ؛ والمراد حسن حاله. وفائدة هذا الدلالة على قوة الاختصاص بذكر المعنى ، ورسول الله أحق أن يرضوه. ويدلّ عليه ما تقدمه من قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ) (التوبة : ٦١) ؛ ولهذا وحد الضمير ، ولم يثنّ. ٣ / ١٢٨
ومنها قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) (الأنفال :
__________________
(١) في المخطوطة (النبات).
(٢) البيت في الديوان ١ / ٢٣٦. مطلع القصيدة رقم (١١٣).
(٣) هو محمد بن القاسم أبو بكر بن الأنباري النحوي تقدم التعريف به ١ / ٢٠٩. وكتابه الهاءات ذكره البغدادي في تاريخ بغداد ٣ / ١٨٤ ، وقال : «إنه في ألف ورقة» ، وقال بروكلمان في دائرة المعارف الإسلامية ـ الترجمة العربية الأولى ـ : «كتاب في الآيات القرآنية التي استبدلت الهاء فيها تاء» مخطوط بباريس انظر : فهرس دار الكتب الوطنية بباريس : ٦٥١ و٦٥٢ ومن المحتمل أن يكون هذا الكتاب ملخصا من كتاب الهاءات في كتاب الله.
(٤) أخرجه الطبري في التفسير ٢١ / ٨١.
(٥) في المخطوطة (أفردوا).
(٦) تقدم تخريج الحديث في ١ / ٣٤٣ ، معرفة الوقف والابتداء.
(٧) في الكشاف ٢ / ١٦٠ ، بتصرف.
(٨) ساقطة من المخطوطة.