وكقوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (الانشقاق : ١) ، قال الزمخشريّ (١) : ٣ / ١٨٩ [في] (٢) حذف الجواب ، وتقديره مصرّح به في سورتي التكوير والانفطار ، وهو قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ) (التكوير : ١٤).
وقال (٣) في : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) (البروج : ١) : الجواب محذوف ، أي أنهم ملعونون ، يدلّ عليه قوله : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (البروج : ٤).
وكقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) (الزمر : ٧٣) ، أي «حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها» ، والواو واو حال ، وفي هذا ما حكي أنه اجتمع أبو عليّ الفارسي مع أبي عبد الله الحسين بن خالويه (٤) في مجلس سيف الدولة ، فسئل ابن خالويه عن قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) (الزمر : ٧٠) ، في النار بغير واو ، وفي الجنة بالواو! فقال ابن خالويه : هذه الواو تسمّى واو الثمانية لأن العرب لا تعطف الثمانية إلا بالواو ، قال : فنظر سيف الدولة إلى أبي عليّ وقال : أحق هذا! فقال أبو عليّ : لا أقول كما قال ؛ إنما تركت الواو في النار ، لأنها مغلقة ، وكان مجيئهم شرطا في فتحها ، فقوله : (فُتِحَتْ) فيه معنى الشرط ، وأما قوله : (وَفُتِحَتْ) في الجنة ، فهذه واو الحال ، كأنه قال : جاءوها وهي مفتحة الأبواب ؛ أو (٥) هذه حالها.
وهذا الذي قاله أبو عليّ هو الصواب ، ويشهد له أمران :
أحدهما : أن العادة مطّردة شاهدة في إهانة المعذبين بالسجون ، من إغلاقها حتى يردوا عليها ، وإكرام المنعمين بإعداد فتح الأبواب لهم مبادرة واهتماما (٦).
والثاني : النظير في (٧) قوله [تعالى] (٨) : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (ص : ٣ / ١٩٠ ٥٠).
وللنحويين في الآية ثلاثة أقوال :
أحدها : أن الواو زائدة ، والجواب قوله «فتحت» وهؤلاء قسمان : منهم من جعل هذه الواو مع أنها زائدة واو الثمانية ، ومنهم من لم يثبتها.
__________________
(١) في الكشاف ٤ / ١٩٧.
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) في الكشاف ٤ / ١٩٩. بتصرف.
(٤) تقدمت ترجمته في ٢ / ٣٦٩.
(٥) في المخطوطة (أي).
(٦) في المخطوطة (واهتمام).
(٧) في المخطوطة (من).
(٨) ليست في المطبوعة.