تنبيه
قد يشتبه الحال في أمر (١) المحذوف وعدمه لعدم تحصيل معنى الفعل ، كما قالوا في قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (الإسراء : ١١٠) ، فإنّه قد يظن أن الدعاء فيه بمعنى النّداء ؛ فلا يقدّر في الكلام حذف ، وليس كذلك ، وإلاّ لزم الاشتراك إن كانا متفاوتين ، أو عطف الشيء على نفسه ؛ وإنما الدعاء هنا بمعنى التسمية التي تتعدى لمفعولين ، أي سمّوه الله أو الرحمن.
وقد يشتبه في تعيين المحذوف لقيام قرينتين ، كقوله تعالى : (بَلى قادِرِينَ) (القيامة : ٤) قدرّه سيبويه (٢) ب «بلى (٣) نجمعها قادرين» ، فقادرين حال وحذف الفعل لدلالة : (أَلَّنْ نَجْمَعَ) (القيامة : ٣) عليه.
وقدّره الفرّاء (٤) «نحسب» لدلالة (أَيَحْسَبُ) (٥) الْإِنْسانُ (القيامة : ٣) أي بلى ٣ / ٢٠٩ نحسبنا قادرين (٦). وتقدير سيبويه أولى [٢٠٠ / أ] لأنّ «بلى» ليس جوابا ل «يحسب» إنما هو جواب ل «أن لن نجمع» وقدره بعضهم : بلى نقدر قادرين.
وقيل : منصوب ، لوقوعه (٧) موقع الفعل (٨) ، وهو باطل ؛ لأنه ليس من نواصب الاسم وقوعه موقع الفعل.
تنبيه آخر
إنّ الحذف على ضربين : أحدهما ألاّ يقام شيء مقام المحذوف كما سبق. والثاني : أن يقام مقامه ما يدل عليه ، كقوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ)
__________________
(١) في المخطوطة (أثر).
(٢) انظر الكتاب ١ / ٣٤٦ (هذا باب ما جرى من الأسماء التي لم تؤخذ من الأفعال ...).
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (بل).
(٤) انظر معاني القرآن ٣ / ٢٠٨ ، سورة القيامة.
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (يحسب).
(٦) تكررت كلمة (قادرين) في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (بوقوعه).
(٨) في المخطوطة (المصدر).