وفي سورة البقرة جاء عن أناس معهودين ؛ وهو قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) (الآية : ٦١) ، فناسب أن يؤتى بالتعريف ، لأن الحق الذي كان يستباح به قتل الأنفس (١) [عندهم كان معروفا ، كقوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (المائدة : ٤٥) ، فالحقّ هنا الذي تقتل به الأنفس] (١) معهود معروف ، بخلاف ما في سورة آل عمران.
و [منه] (١) قوله تعالى في [سورة] (٢) هود حاكيا عن شعيب : (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (الآية : ٩٣) ، (٣) [وأمر نبينا صلىاللهعليهوسلم أن يقول لقريش : (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)] (٣). (النحل : ٥٥).
ويمكن أن يقال : لما كررت مراجعته (٤) لقومه ، ناسب اختصاص قصته بالاستئناف الذي هو أبلغ في الإنذار والوعيد ؛ وأما نبينا صلىاللهعليهوسلم فكانت مدة إنذاره لقومه قصيرة ، فعقّب عملهم على مكافأتهم بوعيدهم بالفاء ؛ إشارة إلى قرب نزول الوعيد لهم بخلاف شعيب ، فإنه طالت مدته في قومه ، فاستأنف لهم ذكر (٥) الوعيد.
ولعلّ قوم شعيب سألوه السؤال المتقدم ، فأجابهم بهذا الجواب ، والفاء لا تحسن فيه ، والنبي صلىاللهعليهوسلم لم يقل ذلك جوابا للسؤال (٦) ، ولا يحسن معه الحذف.
٣ / ٢٢٠ ومنه أنه تعالى قال في خطاب المؤمنين : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (الصف : ١٠) ، إلى أن قال : (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (الصف : ١٢) ، وقال في خطاب الكافرين : (٧) (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (إبراهيم : ١٠) ، (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ) [٢٠٢ / أ](مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (٧) (الأحقاف : ٣١).
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (مجامعته).
(٥) في المخطوطة (ذلك).
(٦) في المخطوطة (لسؤال).
(٧) وقع تقديم وتأخير في المخطوطة وجاءت العبارة فيها كالتالي : (واتقوا الله وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم) ، (يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا يغفر لكم من ذنوبكم) ، (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ).