أَضْحَكَ وَأَبْكى * وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا) (النجم : ٤٣ ، ٤٤) ثم قال بعد : (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) (النجم : ٤٨ ، ٤٩) فورد في هذه الجمل الأربع الفصل بالضمير المرفوع بين اسم إنّ وخبرها ، ليتحدّد (١) بمفهومه نفي الاتصاف عن غيره تعالى (٢) بهذه الأخبار ، وكان الكلام في قوة (٣) أن لو قيل «وأنه هو لا غيره». ولم يرد هذا الضمير في قوله (٤) تعالى : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (النجم : ٤٥) لأن ذلك مما لا يتعاطاه أحد ، لا حقيقة ولا مجازا ولا ادعاء ، بخلاف الإحياء والإماتة ، فيما حكاه الله تعالى عن نمروذ.
(قلت) : وما ذكره في الجواب يرد عليه قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ...) الآية (التوبة : ١١٢) وقوله تعالى : (أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ ...) (التحريم : ٥) الآيات ومما يرد عليه بالنسبة لأوصاف الذم قوله : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ [مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ]) (٥) الآية (القلم : ١٠ ـ ١١) قد (٦) جرت كلّها على ما قبلها بالاتباع ، ولم يجيء فيها القطع. وقرأ الحسن (٧) : (عُتُلٍ) (القلم : ١٣) بالرفع على الذم ، قال الزمخشريّ (٨) : وهذه القراءة تقوية لما يدلّ عليه بعد ذلك.
* (الثاني) : قد يلتبس المنصوب على المدح بالاختصاص ، وقد فرّق سيبويه بينهما فيما بيّن ؛ والفرق أنّ المنصوب على المدح أن يكون المنتصب لفظا (٩) يتضمن نفسه مدحا ؛ نحو «هذا زيد عاقل قومه» و [في] (١٠) الاختصاص لا يقتضي (١١) اللفظ ذلك ، كقوله تعالى : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) (هود : ٧٣) فيمن نصب (أَهْلَ) (١٢).
__________________
(١) في المخطوطة (ليحترز).
(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (قال تعالى).
(٣) في المخطوطة (فتراه).
(٤) في المخطوطة (وقوله) بدل (في قوله تعالى).
(٥) تمام الآية ليس في المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (فقد).
(٧) في المخطوطة (وقيل حكى الحسن) ، والمقصود به الحسن بن يسار البصري ، وانظر (إتحاف فضلاء البشر : ٤٢١).
(٨) الكشاف ٤ / ١٢٧.
(٩) في المخطوطة (نظما).
(١٠) ساقطة من المخطوطة.
(١١) في المخطوطة (إذا لم يقتض) بدل (لا يقتضي).
(١٢) راجع البحر المحيط ٥ / ٢٤٥.