أكثر. وأما قوله : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) (النور : ٣). فقال الزمخشريّ (١) : سيقت الآية التي قبلها لعقوبتهما على ما جنيا ؛ والمرأة هي المادة التي نشأت (٢) منها الجناية (٣) ؛ لأنها لو لم تطمع الرجل ، وتمكّنه لم يطمع ولم يتمكّن ، فلما كانت أصلا وأوّلا في ذلك بدأ بذكرها (٤) ، وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح ، والرجل أصل ، لأنّه هو الراغب والخاطب (٥) [ومنه] (٦) يبدأ الطلب.
ومنه قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (النور : ٣٠) ، قال الزمخشريّ (٧) : «قدم غضّ البصر ؛ لأن النظر بريد (٨) الزنا ، ورائد الفجور ، والبلوى به أشدّ وأكثر ، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه».
ومنه تقديم الرحمة على العذاب حيث وقع في القرآن ، ولهذا ورد : «إن رحمتي غلبت غضبي» (٩).
وأما تقديم التعذيب على المغفرة في آية المائدة فللسياق (١٠) [لأنه قوبل بذكر تقدم السرقة على التوبة] (١٠).
ومنه قوله تعالى : (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) (التغابن : ١٤) ، قال ابن الحاجب (١١) في «أماليه» : إنّما قدّم الأزواج لأنّ المقصود الإخبار أن فيهم أعداء ، ووقوع (١٢)
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٦١ ـ ٦٢.
(٢) في المخطوطة (منها نشأت).
(٣) في المطبوعة (الخيانة).
(٤) في المخطوطة (بها).
(٥) في المخطوطة (الخاطب والراغب).
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) الكشاف ٣ / ٢٦١.
(٨) تصحفت العبارة في المخطوطة إلى (يزيد الزنا وأزيد).
(٩) أخرجه البخاري في الصحيح ٦ / ٢٨٧ ، كتاب بدء الخلق (٥٩) ، باب ما جاء في قول الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (الروم : ٢٧). (١) ، الحديث (٣١٩٤). وأخرجه مسلم في الصحيح ٤ / ٢١٠٨ ، كتاب التوبة (٤٩) ، باب في سعة رحمة الله تعالى ... (٤) الحديث (١٥ / ٢٧٥١). عن أبي هريرة رضياللهعنه.
(١٠) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(١١) هو أبو عمرو عثمان بن عمر بن يونس تقدم التعريف به في ١ / ٤٦٦ وبكتابه في ١ / ٥١١.
(١٢) في المخطوطة (وأوقع).