رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً) (البقرة : ٢١ ـ ٢٢) قدّم ذكر المخاطبين على من قبلهم ، وقدم الأرض على السماء.
وكذلك قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (آل عمران : ٥) ، لقصد (١) الترقي.
وقوله : (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (المؤمنون : ٨٦). ٣ / ٢٦٩
وإمّا بالعكس كقوله في أول الجاثية : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ* وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ) (الآية : ٣ ـ ٤).
وإما من الأعلى ، كقوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ) (آل عمران : ١٨).
وقوله : (ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ) (هود : ٤٩).
و [إما] (٢) من الأدنى ، كقوله [تعالى] (٣) : (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) (التوبة : ١٢١).
وقوله : (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) (الكهف : ٤٩).
وقوله : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (البقرة : ٢٥٥).
فإن قلت : لم لا اكتفى بنفي الأدنى ، ليعلم منه نفي الأعلى بطريق الأولى؟ قلت : [يعلم] (٤) جوابه ممّا سبق من التقديم بالزمان.
وكقوله : (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ...) (المدثر : ٣١) الآية ، وبهذا يتبين فساد استدلال المعتزلة على تفضيل الملك على البشر بقوله : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ) (النساء : ١٧٢) فإنّهم زعموا أنّ سياقها يقتضي الترقّي من الأدنى إلى الأعلى ، إذ لا يحسن أن يقال : [لا] (٥) يستنكف (٦) فلان عن خدمتك (٦) ، ولا من دونه بل ولا من فوقه.
وجوابه أن هؤلاء لمّا عبدوا المسيح ، واعتقدوا فيه الولديّة لما فيه من القدرة على
__________________
(١) في المخطوطة (القصيد).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) عبارة المخطوطة (يستنكف المسيح فلان عن حديثك).