يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* [حُنَفاءَ لِلَّهِ]) (١) (الحج : ٣٠ ـ ٣١).
التاسع : من المستقبل إلى الأمر ، تعظيما لحال من أجري عليه المستقبل (٢). وبالضد من ذلك في حق من أجري عليه الأمر ، كقوله تعالى : (يا هُودُ ما جِئْتَنا) [٢٢٤ / أ](بِبَيِّنَةٍ ...) (هود : ٥٣) إلى قوله : (بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (هود : ٥٤) ، فإنه إنما قال (أُشْهِدُ اللهَ) (هود : ٥٤) ، و (اشْهَدُوا) (هود : ٥٤) ولم يقل : «وأشهدكم» ليكون موازنا له ؛ ولا شك أنّ معنى إشهاد الله على البراءة صحيح في معنى يثبت التوحيد ؛ بخلاف إشهادهم ؛ فما هو [إلا تهاون بدينهم] (٣) ، ودلالة على قلة المبالاة به ، فلذلك عدل عن لفظ الأول لاختلاف ما بينهما ، وجيء به على لفظ الأمر ، كما تقول للرجل منكرا : اشهد عليّ أني أحبّك.
العاشر : من الماضي إلى المستقبل ، نحو : ([وَ] (٣) اللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ) (فاطر : ٩) ، (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) (الحج : ٣١) ، (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (الحج : ٢٥).
والحكمة في هذه أن الكفر لما كان من شأنه إذا حصل أن يستمر حكمه عبّر عنه بالماضي ، ليفيد ذلك مع كونه باقيا أنه قد مضى عليه زمان ؛ ولا كذلك الصدّ عن سبيل الله ، فإن حكمه إنما ثبت حال حصوله مع أن في الفعل المستقبل إشعارا بالتكثير ، فيشعر قوله : «ويصدون» ، أنه في [كلّ] (٤) وقت بصدد ذلك ، ولو قال : «وصدّوا» لأشعر بانقطاع صدّهم (٥).
الحادي عشر : عكسه ، كقوله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ) (النمل : ٨٧) ، (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ) (الكهف : ٤٧).
قالوا : والفائدة في الفعل الماضي إذا أخبر به عن المستقبل الذي لم يوجد أنه أبلغ
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة عبارة مكررة بعد كلمة «المستقبل» وهي (إلى الأمر تعظيما لحال من أجري عليه المستقبل).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) تحرفت في المخطوطة إلى (فيدهم).