وقيل : يشترط أن يكون عطف البيان معرفة.
والصحيح أنه ليس بشرط ، كقولك : «لبست ثوبا جبّة».
وقد أعرب الفارسي : (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) (النور : ٣٥) وكذا : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) (المائدة : ٨٩) ، وكذلك صاحب (١) «المفتاح» في (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) (النحل : ٥١).
فإن قلت : ما الفرق بينه وبين الصفة؟
قلت : عطف البيان وضع ليدلّ (٢) على الإيضاح باسم يختص به ، وإن استعمل في غير الإيضاح ، كالمدح في قوله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) (المائدة : ٩٧) (٣) [فإنّ (الْبَيْتَ الْحَرامَ)] (٣) عطف بيان جيء به للمدح لا للإيضاح ، وأما الصفة فوضعت لتدل على معنى حاصل في متبوعه ، وإن كانت في بعض الصور مفيدة للإيضاح للعلم بمتبوعها من غيرها.
وكقوله تعالى : (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) (سبأ : ٤٦) ، وقوله [تعالى] (٣) (آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) (آل عمران : ٩٧).
وزعم الزمخشريّ (٤) في قوله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) (الطلاق : ٦) (٥) [أن (مِنْ وُجْدِكُمْ)] (٥) عطف بيان.
وهو مردود ؛ فإن العامل إنما يعاد في البدل لا في عطف البيان.
فإن قلت : ما الفرق بينه وبين البدل؟.
قلت : قال أبو جعفر النحاس : «ما علمت أحدا فرّق بينهما إلا ابن كيسان (٩) ؛ فإن الفرق
__________________
(١) هو يوسف بن أبي بكر السكاكي وانظر مفتاح العلوم ص ١٩٠.
(٢) في المخطوطة (البدل).
(٣) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٤) الكشاف ٤ / ١١٠.
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) هو محمد بن أحمد بن كيسان أبو الحسن النحوي ، أحد المذكورين بالعلم الموصوفين بالفهم وكان يحفظ مذهب البصريين في النحو والكوفيين لأنه أخذ عن المبرد وثعلب ، وكان أبو بكر بن مجاهد يقول : أبو الحسن بن كيسان أنحى من الشيخين. يعني ثعلبا والمبرد ، وتصانيفه كثيرة منها «غريب الحديث» و «المهذب» و «الوقف والابتداء» و «القراءات» وغيرها ت ٢٩٩ ه (القفطي ، إنباه الرواة ٣ / ٥٧).