وقوله : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (الزخرف : ٨١).
ونحوه : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (محمد : ٢٢) أورده على طريق الاستفهام ؛ والمعنى : هل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم (١) لما تبين لكم من المشاهد ولاح منكم في المخايل : (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (محمد : ٢٢) تهالكا على الدنيا؟
وإنما أورد الكلام في الآية على طريق سوق غير المعلوم سياق غيره ، ليؤدّيهم التأمل في التوقع عمّن يتصف بذلك إلى ما يجب أن يكون مسبّبا عنه من أولئك الذين أصمّهم الله وأعمى أبصارهم ، فيلزمهم به على ألطف وجه ؛ إبقاء عليهم من أن يفاجئهم به وتأليفا لقلوبهم ، ولذلك (٢) التفت عن الخطاب إلى الغيبة ، تفاديا عن مواجهتهم بذلك.
وقد يخرج الواجب في صورة الممكن (٣) ، كقوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (الإسراء : ٧٩).
(فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) (المائدة : ٥٢).
٣ / ٤١٠ و (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) (الإسراء : ٨).
(وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة : ٢١٦) [الآية] (٤).
وقد يخرج الإطلاق في صورة التقييد كقوله : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) (الأعراف : ٤٠).
ومنه قوله تعالى حاكيا عن شعيب : (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا) (الأعراف : ٨٩) فالمعنى لا يكون أبدا من حيث علّقه بمشيئة الله ؛ لما (٥) كان معلوما أنه يشاؤه (٥) ؛ إذ يستحيل [٢٣٧ / ب] ذلك على الأنبياء ، وكلّ أمر قد علّق بما [لا] (٦) يكون فقد نفي كونه على أبعد الوجوه.
__________________
(١) في المخطوطة (عليها).
(٢) في المخطوطة (لذلك).
(٣) في المخطوطة (المتمكن :).
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) عبارة المخطوطة (لما كان معلوم لأنه لا يشاؤه) تصحيف.
(٦) ساقطة من المخطوطة.