التقسيم الثالث (١)
ينقسم إلى مفرد ومركب :
المركّب أن ينزع من أمور مجموع بعضها إلى بعض ؛ كقوله تعالى : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) (الجمعة : ٥) فالتشبيه (٢) مركّب من أحوال الحمار ؛ وذلك هو (٣) حمل الأسفار التي هي أوعية العلم ، وخزائن ثمرة العقول ، ثم لا يحسن ما فيها ، ولا يفرق بينها وبين سائر الأحمال التي ليست من العلم في شيء ، فليس له مما يحمل حظّ سوى أنه يثقل عليه ويتعبه.
وقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) (العنكبوت : ٤١).
وقوله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ) (الكهف : ٤٥) ، قال بعضهم : شبّه الدنيا بالماء ، ووجه الشبه أمران : أحدهما أنّ الماء إذا أخذت منه فوق حاجتك تضررت ، وإن أخذت قدر الحاجة انتفعت به ، فكذلك الدنيا. وثانيهما (٤) أنّ الماء إذا أطبقت كفّك عليه لتحفظه لم يحصل فيه شيء ، فكذلك الدنيا ، وليس المراد تشبيهها بالماء وحده ؛ بل المراد تشبيهه بهجة الدنيا في قلة البقاء والدوام بأنيق النبات الذي يصير بعد تلك البهجة والغضاضة والطراوة إلى ما ذكر.
٣ / ٤٢٣ ومن تشبيه المفرد بالمركب قوله : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) (النور : ٣٥) ، فإنه سبحانه أراد تشبيه نوره الذي يلقيه في قلب المؤمن ، ثم مثّله بمصباح ؛ ثم لم يقنع بكلّ مصباح ؛ [بل بمصباح] (٥) اجتمعت فيه أسباب الإضاءة ؛ بوضعه (٦) في مشكاة ؛ وهي الطاقة غير النافذة ؛ وكونها لا تنفذ ؛ لتكون أجمع للتبصّر ، وقد جعل فيها مصباح في داخل زجاجة ، فيه الكواكب الدّريّ في صفائها ، ودهن المصباح من أصفى الأدهان وأقواها وقودا ، لأنه من زيت شجر في أوسط الزّجاج لا شرقية ولا غربية ، فلا تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار بل تصيبها أعدل إصابة.
__________________
(١) تصحفت في المخطوطة إلى الثاني.
(٢) في المخطوطة (أفاد أن التشبيه).
(٣) في المخطوطة (أن).
(٤) في المخطوطة (وكذلك).
(٥) العبارة ليست في المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (إما بوضعه).