وينقسم باعتبار آخر إلى خمسة أقسام :
الأول : قد يشبّه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع ، اعتمادا على معرفة النقيض والضدّ فإنّ إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسة ، كقوله تعالى : (كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) (الصافات : ٦٥) ، [فشبّه] (١) بما [لا] (١) نشكّ أنه منكر قبيح ، لما حصل في نفوس الناس من [٢٣٩ / أ] بشاعة صور الشياطين ، وإن لم ترها عيانا.
الثاني : عكسه ، كقوله [تعالى] (٢) : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ) (٣) ، (النور : ٣٩) ، أخرج ما لا يحسّ ـ وهو الإيمان ـ إلى ما يحسّ ـ وهو السراب ـ والمعنى الجامع بطلان التوهم بين شدة الحاجة وعظم الفاقة.
الثالث : إخراج ما لم تجر العادة به إلى ما جرت به ، نحو : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) (الأعراف : ١٧١) ، والجامع بينهما الانتفاع بالصورة. وكذا (٤) قوله : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ) (يونس : ٢٤) ، والجامع البهجة والزينة ، ثم الهلاك ، وفيه العبرة.
الرابع : إخراج ما لا يعرف بالبديهة ، إلى ما يعرف بها ، كقوله : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (آل عمران : ١٣٣) ، الجامع العظم ، وفائدته التشويق إلى الجنّة بحسن الصفة.
٣ / ٤٢٢ الخامس : إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ما له قوة فيها ، كقوله : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (الرحمن : ٢٤) ، والجامع [فيهما] (٥) العظم ، والفائدة البيان عن القدرة على تسخير الأجسام العظام في أعظم ما يكون من الماء.
وعلى هذه الأوجه تجري تشبيهات القرآن.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كسراب).
(٤) في المخطوطة (كذلك).
(٥) ساقط من المخطوطة.