وكذلك : (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) (الحاقة : ٦) ، لأن حقيقة «عاتية» شديدة ، والعتوّ أبلغ ، لأنه شدّة فيها تمرد.
وقوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ...) (الإسراء : ٢٩) ، الآية ؛ وحقيقته : لا تمنع ما تملك كلّ المنع ، والاستعارة أبلغ ، لأنّه جعل منع النائل بمنزلة غلّ [اليدين إلى] (١) العنق ، وحال الغلول (٢) أظهر.
وقوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (الزلزلة : ٢) ، قيل : أخرجت ما فيها من الكنوز. ٣ / ٤٤٠
وقيل : يحيي به الموتى ، وأنها أخرجت موتاها ، فسمى الموتى ثقلا تشبيها بالحمل الذي يكون في البطن ؛ لأن الحمل يسمى ثقلا ، قال تعالى : (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) (الأعراف : ١٨٩).
ومنها : جعل الشيء للشيء وليس له من طريق الادعاء والإحاطة به نافعة في آيات الصفات ، كقوله تعالى : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (القمر : ١٤).
وقوله : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (الزمر : ٦٧). ويسمّى التخييل : قال الزّمخشري (٣) : ولا تجد بابا في علم البيان أدقّ ولا أعون في تعاطي المشبهات منه ، وأما قوله تعالى : (كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) (الصافات : ٦٥) قال الفرّاء (٤) : فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جعل طلعها رءوس الشياطين في القبح.
والثاني ؛ أن العرب تسمي بعض الحيات شيطانا (٥) ؛ وهو ذو القرن.
والثالث : أنّه شوك (٦) قبيح المنظر ، يسمى رءوس الشياطين.
فعلى الأول يكون تخييلا ، وعلى الثاني يكون تشبيها مختصّا.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (الحلول).
(٣) انظر «الكشاف» : ٣ / ٣٥٦ عند تفسير الآية من سورة الزمر.
(٤) انظر معاني القرآن ٢ / ٣٨٧.
(٥) في المخطوطة (شياطين).
(٦) في المخطوطة (إنه نبت شوك).