وقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب : ٢١).
وقوله : (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) (فصلت : ٢٨) ، ليس المعنى أن الجنّة فيها دار خلد وغير دار خلد ، بل [كلّها] (١) دار خلد ؛ فكأنك (٢) لما قلت : في الجنة دار الخلد اعتقدت أن الجنة منطوية على دار نعيم ودار أكل وشرب وخلد ، فجردت منها هذا الواحد ، كقوله :
وفي الله إن لم تنصفوا حكم عدل (٣)
٣ / ٤٩٩ وقوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) (الأنعام : ٩٥) ، على أحد التأويلات في الآية عن ابن مسعود : «هي النطفة تخرج من الرجل ميّتة ، وهو حيّ ، ويخرج الرجل منها حيّا وهي ميتة (٤) ، قال ابن عطية : في تفسيره هذه الآية : إن لفظة الإخراج في تنقل النطفة حتى تكون رجلا ، إنما هو عبارة عن تغيير الحال ، كما تقول في صبّي جيّد البنية : يخرج من هذا رجل قويّ.
وقد يحتمل قوله : (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) (الأنعام : ٩٥) ، أي الحيوان كله ميتة ، ثم (٥) يحييه قال : وهو معنى التجريد.
وذكر الزمخشريّ (٦) أن عمرو بن عبيد (٧) قرأ في قوله تعالى : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (الرحمن : ٣٧) ، بالرفع ، بمعنى حصلت منها وردة ، قال : وهو من التجريد.
وقرأ عليّ وابن عباس في سورة مريم : يرثني وارث من آل يعقوب (مريم : ٦) ، (٨) [قال ابن جنّي (٩) : هذا هو التجريد ، وذلك أنه يريد : وهب لي من لدنك وليّا يرثني منه وارث من آل يعقوب] (٨) ، وهو الوارث نفسه ، فكأنه جرّد منه وارثا.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (وكأنك).
(٣) البيت لأبي الخطار الكلبي ذكره ابن جني في الخصائص ٢ / ٤٧٥ ، باب التجريد. وصدره أقادت بنو مروان ظلما دماءنا وهو في لسان العرب ١٢ / ١٤٢ مادة (حكم).
(٤) أخرجه الطبري في التفسير ٣ / ١٤٩ ، وهو المرجح عنده.
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (لم).
(٦) الكشاف ٤ / ٥٣.
(٧) تصحف الاسم في المخطوطة إلى (عبيد بن عمير) وهو عمرو بن عبيد أبو عثمان البصري ، الزاهد العابد ، القدري كبير المعتزلة ، روى عن أبي العالية وأبي قلابة ، والحسن البصري وعنه الحمادان ، وابن عيينة. قال النسائي : ليس بثقة. وقال ابن المبارك : دعا إلى القدر فتركوه له كتاب «العدل» و «التوحيد» وغيرهما. ت ١٤٤ ه (سير أعلام النبلاء ٦ / ١٠٤).
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٩) انظر المحتسب لابن جني ٢ / ٣٨.