٣ / ٤٦٢ ومقابل في المعنى دون اللفظ ، كقوله تعالى : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) (سبأ : ٥٠) ؛ فإنه لو كان التقابل هنا من جهة اللفظ ، لكان التقدير : «وإن اهتديت ، فإنما اهتديت لها».
وبيان تقابل هذا الكلام من جهة المعنى ، أنّ النفس كلّ ما هو عليها لها ، فهو (١) أعني أن كلّ ما هو وبال عليها وصار لها فهو بسببها ومنها ؛ لأنها أمّارة بالسوء ، وكلّ ما هو مما ينفعها فبهداية (٢) ربها وتوفيقه إياها ، وهذا حكم لكلّ مكلف ، وإنما [أمر] (٣) رسول (٤) الله صلىاللهعليهوسلم أن يسند إلى نفسه ، لأنه إذا دخل تحته (٥) مع علو محلّه كان غيره أولى به.
ومن هذا الضرب قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النمل : ٨٦) ، فإنه لم يدع التقابل [٢٤٦ / أ] في قوله : (لِيَسْكُنُوا فِيهِ و [النَّهارَ]) (٦) مُبْصِراً ، لأن القياس يقتضي أن يكون «والنهار لتبصروا فيه» ، وإنما هو مراعى من جهة المعنى لا من جهة اللفظ ، لأنّ [معنى] (٦) «مبصرا» تبصرون فيه طرق التقلب في الحاجات.
***
واعلم أنّ في تقابل المعاني بابا عظيما يحتاج إلى فضل تأمّل ، وهو يتصل غالبا بالفواصل ، كقوله تعالى : (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ* [أَلا إِنَّهُمْ هُمُ]) (٧) (البقرة : ١١ ـ ١٢) إلى قوله (لا يَشْعُرُونَ) (البقرة : ١٢).
(٨) [وقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) (البقرة : ١٣) إلى قوله : (لا يَعْلَمُونَ) (البقرة : ١٣).
فانظر فاصلة الثانية (يَعْلَمُونَ) والتي قبلها (يَشْعُرُونَ)] (٨) لأن أمر الديانة والوقوف
__________________
(١) عبارة المخطوطة (فهو لها).
(٢) في المخطوطة (فهداية).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (الرسول).
(٥) في المخطوطة (معه).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٨) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.