وعاد رحمه الله تعالى إلى الأندلس بعد رحلته الأولى التي حلّ فيها دمشق والموصل وبغداد ، وركب إلى المغرب من عكا مع الإفرنج ، فعطب في خليج صقلية الضيق ، وقاسى شدائد إلى أن وصل الأندلس سنة ٥٨١ ، ثم أعاد المسير إلى المشرق بعد مدة إلى أن مات بالإسكندرية كما تقدم.
ومن شعره أيضا : [بحر الخفيف]
لي صديق خسرت فيه ودادي |
|
حين صارت سلامتي منه ربحا |
حسن القول سيىء الفعل كالج |
|
زار سمّى وأتبع القول ذبحا |
وحدّث رحمه الله تعالى بكتاب «الشفاء» عن أبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي عن القاضي عياض ، ولما قدم مصر سمع منه الحافظان أبو محمد المنذري وأبو الحسن يحيى بن علي القرشي.
وتوفي ابن جبير بالإسكندرية يوم الأربعاء السابع والعشرين من شعبان سنة ٦١٤ ، والدعاء عند قبره مستجاب ، قاله ابن الرقيق رحمه الله تعالى وقال ابن الرقيق : في السنة بعدها.
وقال أبو الربيع بن سالم : أنشدني أبو محمد عبد الله بن التميمي البجائي ، ويعرف بابن الخطيب ، لأبي الحسين بن جبير ، وقال : وهو مما كتب به إليّ من الديار المصرية في رحلته الأخيرة لما بلغه ولايتي قضاء سبتة ، وكان أبو الحسين سكنها قبل ذلك ، وتوفيت هنالك زوجته بنت أبي جعفر الوقّشي فدفنها بها : [بحر المتقارب]
بسبتة لي سكن في الثّرى |
|
وخلّ كريم إليها أتى (١) |
فلو أستطيع ركبت الهوا |
|
فزرت بها الحيّ والميتا |
وأنشد ابن جبير رحمه الله تعالى لنفسه عند صدوره عن الرحلة الأولى إلى غرناطة ، أو في طريقها قوله : [بحر البسيط]
لي نحو أرض المنى من شرق أندلس |
|
شوق يؤلف بين الماء والقبس (٢) |
إلى آخرها.
__________________
(١) السكن : الزوجة.
(٢) القبس : القطعة من النار.