لما بينهما من المناسبة ، وإن كان الصباح والمساء لا يجتمعان ، ونظيره في الإضافة قوله تعالى : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) [النازعات ، ٤٦] فأضيف الضّحى إلى ضمير العشية ، وقيل : الأصل أو ضحى يومها ، ثم حذف المضاف ، ولا حاجة إلى هذا.
وتقول : «فلان يأتينا يوم يوم» أي يوما فيوما : أي كلّ يوم ، قال الشاعر :
______________________________________________________
اللّغة : «يصرف» يحول ، والمراد ألا يستمع لوشاياتهم ، ورواية الديوان «ومن لا يفثأ» بفاء ثم ثاء مثلثة ثم همزة ، وأصل معناه : يكسر حدتهم ، ويردهم عما يريدون منه ، وتقول : فثأت القدر ، إذا أخرجت الوقود من تحتها وصببت عليها ماء تسكن بذلك غليانها ، «الواشين» جمع واش ، وهو الكاذب الذي يفسد ما بين المتحابين بما يلفقه ويفتريه ، وأصل هذه المادة قولهم «وشيت الثوب» إذا زخرفته ، وذلك لأن الواشي يزخرف ما يذكره من القول لينطلي على سامعه ، «يبغوه» يريد يقصدوه ويطلبوا له ، «خبالا» الخبال هو الجنون أو الإفساد ، وفي رواية الديوان «يبغوه الخبالا».
المعنى : يقول : إن من لا يباعد الوشاة عن نفسه كل لحظة لا يسلم من ضررهم ، لأنهم يقصدونه بالشر ويوقعونه في الفساد.
الإعراب : «من» اسم شرط جازم يجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه ، وهو مبتدأ مبني على السكون في محل رفع ، «لا» نافية ، «يصرف» فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بمن ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لأجل التخلص من التقاء الساكنين ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من ، «الواشين» مفعول به ليصرف ، منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم ، «عنه» جار ومجرور متعلق بيصرف ، «صباح مساء» ظرف زمان متعلق بيصرف ، مبني على فتح الجزأين في محل نصب ، «يبغوه» يبغوا : فعل مضارع جواب الشرط ، مجزوم وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة فاعله ، والهاء ضمير الغائب العائد إلى من مفعول به أول ليبغوا مبني على الضم في محل نصب ، «خبالا» مفعول ثان ليبغوا ، وخبر المبتدأ الذي هو اسم الشرط قيل : هو جملة الشرط وحدها ، وقيل : هو جملة الجواب وحدها ، وقيل : هو الجملتان معا ، وهذا الأخير هو الذي نذهب إليه ونرجحه وإن كان العلماء قد رجحوا خلافه.
الشّاهد فيه : قوله «صباح مساء» حيث ركب الظرفين معا ، وجعلهما بمنزلة كلمة واحدة ، فتضمنا معنى حرف العطف ؛ فأشبها في ذلك أحد عشر وأخواته ، ولما كان المشبه به ـ وهو أحد عشر ـ مبنيّا على فتح الجزأين أعطى المشبه ـ وهو الظرفان المركبان ـ حكمه ، ولذلك بناهما على فتح الجزأين.