قال الشاعر يصف ثورا يطعن الكلاب بقرنه :
٢٣ ـ يساقط عنه روقه ضارياتها |
|
سقاط شرار القين أخول أخولا |
وفي الحديث «كان يتخوّلنا بالموعظة» أي يتعهّدنا بها شيئا فشيئا مخافة السآمة علينا ، قال أبو علي : «هو من قولهم : تساقطوا أخول أخول : أي شيئا بعد شيء» وكان الأصمعي يرويه «يتخوّننا» بالنون ـ ويقول : معناه يتعهّدنا.
فإن قلت : ما الفرق بين هذا النوع والبيت الذي أنشدته في النوع الذي قبله ، فإنك زعمت ثمّ أن «بين بين» فيه حال؟.
قلت : معنى قولي هناك أنه متعلق باستقرار محذوف ، وذلك المحذوف هو الحال ، لا أنه نفسه حال ، بخلاف هذا النوع ؛ فإن المركب نفسه حال لأنه ليس بظرف ، [بخلاف «بين بين» فإنه ظرف].
______________________________________________________
٢٣ ـ هذا بيت من الطويل من كلام ضابئ البرجمي ، كما ذكره في اللسان (مادة خ ول) ، ورواه أبو زيد في نوادره (ص ١٤٥) ولم يستشهد به سيبويه مع أنه تكلم على قوله : «أخول أخول» (ص ٥٦ ج ٢) فقال : «وأما أخول أخول فلا يخلو من أن يكون كشغر بغر وكيوم يوم» اه.
اللّغة : «روقه» بفتح الراء المهملة وسكون الواو ـ هو القرن ، «ضارياتها» جمع ضارية ، وأصله اسم فاعل من «ضرى الحيوان يضرى» من باب علم يعلم ـ وأراد بها الكلاب ، «القين» بفتح القاف وسكون الياء المثناة ـ هو الحداد ، «أخول أخول» يعني شيئا فشيئا ، وهو يؤدي معنى متفرقين.
الإعراب : «يساقط» فعل مضارع ، «عنه» جار ومجرور متعلق به ، «روقه» : فاعل يساقط ، وروق مضاف والهاء ضمير الغائب العائد على الثور مضاف إليه ، «ضارياتها» ضاريات : مفعول به ليساقط ، منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم ، وضاريات مضاف وضمير الغائبات العائد على الكلاب مضاف إليه ، «سقاط» مفعول مطلق ، عامله يساقط ، وهو مضاف ، و «شرار» مضاف إليه ، وهو مضاف ، و «القين» مضاف إليه ، «أخول أخولا» حال ، بمعنى متفرقين ، مبني على فتح الجزأين في محل نصب ، والألف الأخيرة للإطلاق.
الشّاهد فيه : قوله «أخول أخولا» فإنه ركبهما معا ، وجعلهما كالكلمة الواحدة وبناهما معا على فتح الجزأين ، لما كان يريد معنى لحال منهما ، وضمنهما معنى واو العطف فصارا شبيهين بأحد عشر وأخواته ، ولو لا ذلك لوجب أن يضيف الأول إلى الثاني كما سيأتي التنبيه عليه في كلام المؤلف.