وما أحسن قول بعضهم :
٣٦ ـ هي الدّنيا تقول بملء فيها : |
|
حذار حذار من بطشي وفتكي |
فلا يغرركم منّي ابتسام |
|
فقولي مضحك والفعل مبكي |
______________________________________________________
نعاء ابن ليلى للسّماحة والنّدى |
|
وأيدي شمال باردات الأنامل |
يريد انع ابن ليلى : أي اذكر خبر موته والفجيعة فيه للسماحة والكرم ، يريد أنه كان أهل هذين الخلقين الكريمين ، وبموته يموتان.
٣٦ ـ هذان بيتان من الوافر ، وهما مشهوران يدوران على كل لسان ، وهما من قصيدة لأبي الفرج الساوي أحد كتاب الصاحب بن عباد يرثي فيها فخر الدولة ، وقد أنشدها الثعالبي في كتابه يتيمة الدهر (٣ / ٣٣٩ بتحقيقنا) وذكر المؤلف لهما ليس على سبيل الاستدلال ، ولكن للتمثيل ؛ لأن أبا الفرج قائلهما ليس ممن يحتج بكلامه عند النحويين.
الإعراب : «هي» ضمير الشأن ، وهو مبتدأ ، مبني على الفتح في محل رفع ، «الدنيا» مبتدأ ثان ، مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر ، «تقول» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني ، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول الذي هو ضمير الشأن ، «بملء» جار ومجرور متعلق بتقول ، وملء مضاف ، وفي من «فيها» مضاف إليه مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الدنيا مضاف إليه ، «حذار» اسم فعل أمر بمعنى احذر ، مبني على الكسر لا محل له من الإعراب وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، «حذار» مثل سابقه ، والجملة تأكيد للجملة السابقة ، «من بطشي» الجار والمجرور متعلق بحذار ، وبطش مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، «وفتكي» معطوف بالواو على بطش ، «فلا» الفاء حرف دال على التفريع ، لا : ناهية ، «يغرركم» يغرر : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وضمير جماعة المخاطبين مفعول به ليغرر ، «مني» جار ومجرور متعلق بيغرر ، «ابتسام» فاعل يغرر ، «فقولي» الفاء دالة على السببية ، قول : مبتدأ ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، «مضحك» خبر المبتدأ ، «والفعل» الواو عاطفة ، والفعل : مبتدأ «مبك» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر معطوفة على جملة المبتدأ والخبر السابقة.
التمثيل به : في قوله «حذار حذار» فإن كل واحد منهما اسم فعل أمر بمعنى احذر ، وهو مأخوذ من مصدر فعل ثلاثي تام ـ وهو «حذر يحذر» ـ وقد بناه على الكسر ، على نحو ما بيناه في الشواهد السابقة.