فاسترعى انتباهه ، واختاره محاضرا في الاجتماعات العامة بالجامع الأزهر عند المناسبات الدينية ، كالاحتفال بالمولد والهجرة والإسراء ، إذ كان الشيخ الأكبر يلقي الكلمة الأولى ليترك المجال لأستاذ من نابهي هيئة التدريس بالأزهر كالشيخ محمد عرفة والشيخ محمد أحمد العدوي والشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد» (١).
«وشغل في هذه الحقبة الطويلة الكثير من المناصب العلمية الرفيعة : أستاذا بالأزهر ، فأستاذا بكلية اللغة العربية ، فمفتشا عامّا بالمعاهد الدينية ، فوكيلا لكلية اللغة العربية ، فأستاذا بكلية أصول الدين ، فرئيسا لمفتشي العلوم الدينية والعربية بالأزهر ، فعميدا لكلية اللغة العربية ، وعضوا بالمجمع اللغوي ، ورئيسا للجنة الفتوى بالأزهر ، وعضوا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية (ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم) وفي كثير من الهيئات العلمية ، ولا ننسى أنه اختير عام ١٩٤٠ من للسودان ليشارك في تأسيس مدرسة الحقوق العليا في الخرطوم ، وقد قام حينئذ بمهمته خير قيام ، وكان مضرب المثل في علو المنزلة وسموّ المكانة بين السودانيين والمصريين على السواء» (٢).
«ومثّل الأزهر في كثير من المؤتمرات الثقافية واللغوية والأدبية ، ووجه الثقافة فيه الوجهة الرفيعة العميقة ، التي أثّرت في بناء الجيل الحاضر تأثيرا كبيرا» (٣).
«وقد عاش أبيّ النفس عزيزا لا يمكن أن يمكّن من نفسه أيّ إنسان مهما كانت منزلته ، دعاه إلى ذلك حفاظه على كرامته ، حفاظه على رجولته ، حفاظه على خلقه ، وإن اختياره أستاذا بكلية اللغة العربية وهو بعد على مشارف الثلاثين كان مؤذنا بأن ذلك الرجل الألمعيّ جدير بأن يكون موطن التقدير والإعجاب ، وما كاد عام ١٩٣٥ م يبدأ وكانت الأمور السياسية في مصر مضطربة ، وكان الأزهر آنذاك معرضا لبعض الاضطرابات الخطيرة ، قام الأزهر بثورة قوية لأنه كان يراد إقصاء الجمهرة الغفيرة من أبناء الأزهر وصدهم عن التعليم ، قامت الثورة وكانت ثورة قوية ، ثورة هادفة ، تهدف إلى تخليص الأزهر من براثن الرجعية وإلى النهوض به نهضة قوية ، وكان عماد تلك
__________________
(١) من كتاب «النهضة الإسلامية» السابق.
(٢ ، ٣) من قرار جامعة الأزهر السابق.