فليس بعربي ، وعند الأصمعي أنها لا تستعمل الا منوّنة ، وخالفوه في ذلك ، واستدلوا بقول ذي الرمة :
٥٨ ـ * وقفنا فقلنا : إيه عن أمّ سالم*
وكان الأصمعيّ يخطّئ ذا الرمة في ذلك وغيره ، ولا يحتجّ بكلامه.
ومثال ما بني منها على الضم : هيت ـ بمعنى تهيّأت ـ قال تعالى : (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) [يوسف ، ٢٣] ، وقيل : المعنى هلمّ لك ؛ فلك : تبيين مثل سقيا لك (١) ، وقرئ
______________________________________________________
زائدتان ، ولكنه صرفه للضرورة ، «وساكنه» الواو عاطفة : وساكن : معطوف على نعمان ، وساكن مضاف والضمير الذي للغائب العائد إلى نعمان مضاف إليه.
سبب ذكره : قوله «إيه أحاديث نعمان» فإن إيه اسم فعل أمر ، وهو دالّ على معنى امض في حديثك ، وهذا الفعل الذي يؤدي اسم الفعل معناه لا يتعدى بنفسه إلى المفعول به ، كما سمعت ، ومن حق اسم الفعل أن يكون بمنزلة الفعل الذي يقوم هو مقامه ، فيكون متعديا إذا كان الفعل متعديا ، ولازما إذا كان الفعل لازما ، ولكن الشاعر في هذا الشاهد خالف ذلك ؛ فعدّى اسم الفعل إلى المفعول به ، مع أن الفعل الذي ناب عنه لازم ، فافهم ذلك.
٥٨ ـ هذا صدر بيت من الطويل لذي الرمة ، واسمه غيلان بن عقبة ، وعجزه قوله :
* وما بال تكليم الدّيار البلاقع*
__________________
(١) اعلم أن في هذا الموضع أمورا أحب أن أبينها لك بيانا لا لبس فيه عليك ولا غموض :
الأمر الأول : أن العلماء الذين قرؤوا القرآن الكريم قد اختلفوا في قراءة هذه الجملة وهي قوله تعالى : (هَيْتَ لَكَ) وأشهر هذه القراءات ثلاث : الأولى قراءة لهشام «هئت لك» بكسر الهاء بعدها همزة ساكنة فتاء مضمومة ، والثانية قراءة ذكوان (هَيْتَ لَكَ) بكسر الهاء بعدها ياء فتاء مضمومة ، والثالثة قراءة (هَيْتَ لَكَ) بفتح الهاء وسكون الياء وبعدها تاء مضمومة أو مفتوحة أو مكسورة.
الأمر الثاني : في تخريج علماء النحو لهذه القراءات تخريجا يطابق القواعد العربية :
فأما القراءة الأولى : فلا خلاف بين أحد من النحاة في أن (هئت) فعل ماض مسند لتاء الفاعل ، كما تقول : جئت ، وكما تقول : شئت ، فهذه التاء ليست من بنية الكلمة لكنها ضمير رفع متصل ، مثل التاء في ضربت وخرجت ودحرجت واستخرجت ، وما أشبه ذلك و «لك» جار ومجرور متعلق بهاء ، ومعنى هاء على هذا الوجه تهيأ واستعد ، فكأنها قالت : تهيأت لك ، أو استعددت لك.
وأما القراءة الثانية : فهي مثل القراءة الأولى في التخريج والإعراب ، وكل ما بينهما من الفرق أن القارئ قلب الهمزة الساكنة ياء لوقوعها ساكنة بعد الكسرة ، وهذا جار على لغة أهل الحجاز ؛ فإنهم يقولون في ذئب :