وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام ، ١] وذلك لأنه قدّر الجملة الاسمية ـ وهي (الذين) وما بعده ـ معطوفة على الجملة الفعلية ـ وهي (خلق) وما بعده ـ على معنى أنه سبحانه خلق ما لا يقدر عليه سواه ، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء. ولو لا أن التقدير ثم الذين كفروا به يعدلون ، كما أن التقدير سعاد التي أضناك حبها للزم فساد هذا الإعراب ؛ لخلو الصلة من ضمير ، وهذا في الآية الكريمة خير منه في البيت ؛ لأن الاسم الظاهر النائب عن الضمير في البيت بلفظ الاسم الموصوف بالموصول ، وهو سعاد ، فحصل التكرار وهو في الآية بمعناه لا بلفظه ، وأجاز في الجملة وجها آخر ، وبدأ به ، وهو أن تكون معطوفة على (الْحَمْدُ
______________________________________________________
الإعراب : «سعاد» يجوز نصبه على أنه مفعول لفعل محذوف ، والتقدير : اذكر سعاد ، ويجوز رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هي سعاد ، أو هذه سعاد ، «التي» نعت لسعاد ، مبني على السكون في محل نصب أو رفع ، «أضناك» أضنى : فعل ماض مبني على فتح مقدر لا محل له ، والكاف ضمير المخاطب (وأراد به نفسه ، فهو يخاطب نفسه على سبيل التجريد) مفعول به مبني على الفتح في محل نصب ، «حب» فاعل أضنى ، وحب مضاف ، و «سعاد» مضاف إليه ، مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف للعلمية والتأنيث ، «وإعراضها» الواو عاطفة ، وإعراض : مبتدأ ، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى سعاد مضاف إليه ، «عنك» جار ومجرور متعلق بإعراض ، «استمر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إعراض ، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ ، «وزاد» الواو عاطفة ، زاد : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إعراضها ، والألف للإطلاق ، والجملة في محل رفع معطوفة بالواو على جملة الخبر.
الشّاهد فيه : قوله «التي أضناك حب سعاد» حيث وضع الاسم الظاهر الذي هو قوله «سعاد» في آخر الشطر الأول ، موضع الضمير ؛ فربط به جملة الصلة ، والأصل أن يقول : سعاد التي أضناك حبها ، ووضع الاسم الظاهر في موضع الضمير في جملة الصلة بنوع خاص مما أنكره كثير من العلماء ، وذكروا أنه لا يجوز إلا في ضرورة الشعر ، ومنهم المؤلف نفسه فقد ذكر في المغني أنه ضرورة لا يجوز تخريج القرآن عليه ، فافهم ذلك وتدبره.
ومثل البيت الذي استشهد به المؤلف قول الشاعر ، وهو مجنون ليلى :
فيا ربّ ليلى ، أنت في كلّ موطن |
|
وأنت الّذي في رحمة الله أطمع |
يريد «وأنت الذي في رحمته أطمع» فوضع الاسم الظاهر وهو اسم الجلالة موضع الضمير.