التساند والتضافر على إعادة رسومنا الدارسة إلى ما كانت عليه يوم كنا قادة الشعوب وسادة هذا العالم ؛ وليس للبلاد العربية كلها من بدّ أن تسلك لوحدتها طريق الاتحاد في المشاعر والمعارف ، وأقرب ما يصل بنا إلى هذه الغاية معاودة معارفنا القديمة مع اختيار أقربها إلى أنفسنا وقلوبنا في فروع العلم كلها» (١).
وفي مقال آخر يقول :
«وقد خلق الله في نفسي حب السلف ، والتفاني في الدفاع عن علومهم وأفكارهم ، والحرص على إذاعة فضلهم وعظيم منّتهم علينا وعلى من يأتي بعد من الأجيال المتلاحقة ، ولست أدري سرّ ذلك كله ، غير أني لا أشكّ في أن بين أيدينا ثروة يحسّ بها المستشرقون أكثر مما نحسّ بها نحن أبناء هؤلاء الموّرّثين ، وأنّا نضيع هذه الثروة بأحد سببين لا ثالث لهما ؛ أولهما : الانصراف عنها إلى الافتتان بالغرب وعلوم الغرب ، وردّ كل نبوغ وفوق إلى نبوغ الغرب وفوقه ، وثانيهما : الاقتناع من باعة الكتب بأن يظهروا لنا كتب أسلافنا على صور مشوهة ممسوخة لا تسد نهمة ولا تبلّ أواما ، ولو أننا أرغمناهم على أن يظهروها موافقة لروح العصر الحديث لاستطعنا أن نفيد ، وأن نجد في ميراثنا النفع والغناء» (٢).
وفي أحد المؤتمرات التي مثّل الأزهر فيها يقول (٣) :
«حضرات السادة .. إن في أعناقكم أمانة من أثقل الأمانات حملا ، وأنتم بحمد الله صفوة الصفوة من رجال الأمم العربية ، فليس يعجزكم أن تنهضوا بما حملتم وأن تؤدوا الأمانة على أفضل وجوه الأداء ، وإني لعلى ثقة من أنكم ستنظرون إلى قديمنا الخالد نظرة المعتز به العارف لما فيه من خير وفضل ، وستحاولون ما وسعه جهدكم أن تنفضوا عنه ما علق به بدواعي الإهمال من غبار فيظهر للناس رواؤه ، وتتكشف لهم بهجته ، كما أني على ثقة من أنكم لا تهملون من الجديد إلا ما تحقق لكم زيفه وثبت
__________________
(١) من مقدمة كتاب «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» سنة ١٣٥٨ ه ـ ١٩٣٩ م.
(٢) من مقدمة كتاب «العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده» ١٣٥٣ ه ـ ١٩٣٤ م.
(٣) من كلمة ألقاها في حفل افتتاح المؤتمر الثقافي الأول للجامعة العربية في بيت مري ـ لبنان ـ ٢ سبتمبر ١٩٤٧ م.