١٠١ ـ فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل |
فليس قوله «أشرب» مجزوما ، وإنما هو مرفوع ، ولكن حذفت الضمة للضرورة (١) أو على تنزيل «ربغ» بالضم من قوله «أشرب غير» منزلة عضد ـ بالضم (٢) ـ فإنهم قد يجرون المنفصل مجرى المتصل ، فكما يقال في عضد بالضم : عضد بالسكون ، كذلك قيل في «ربغ» بالضم «ربغ» بالإسكان.
______________________________________________________
١٠١ ـ هذا بيت من السريع من كلام امرئ القيس بن حجر الكندي.
اللّغة : «مستحقب» أصله الذي يجمع حاجاته في الحقيبة ، والمراد غير مكتسب ، «واغل» هو الذي يدخل على القوم وهم يشربون من غير أن يدعى إلى مشاركتهم.
الإعراب : «اليوم» ظرف زمان متعلق بأشرب ، «أشرب» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ؛ وسكن للتخفيف ، على ما ستعرفه ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، «غير» حال من فاعل أشرب ، وغير مضاف و «مستحقب» مضاف إليه ، وفي مستحقب ضمير مستتر هو فاعله لأنه اسم فاعل ، «إثما» مفعول به لمستحقب ، «من الله» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لإثم ، «ولا» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفي ، «واغل» معطوف على مستحقب.
الشّاهد فيه : قوله «أشرب» فإنه فعل مضارع لم يتقدمه جازم ، وهو مع ذلك ساكن الآخر ، وللعلماء في تخريج هذا الإسكان وجهان ؛ الأول : أنه ضرورة دعا إليها النظم ، الثاني : أنه لما توالى في الكلمة مع ما بعدها ثلاث حركات : أولاها فتحة وهي حركة الراء ، وثانيتها ضمة وهي حركة الباء ، وثالثتها فتحة وهي حركة الغين ، لما توالت هذه الحركات الثلاث أشبهت عضدا في وجود فتحة تتبعها ضمة ، والعرب تجوز تسكين ضاد عضد ونحوه ، فلما أشبهت هذه الأحرف الثلاثة
__________________
(١) اختلف النحاة في حذف حركة الإعراب للتخفيف وإسكان آخر الكلمة ، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال ، الأول ـ وهو قول ابن مالك ـ أن ذلك جائز مطلقا ، فعنى سواء أكان في الشعر أم كان في النثر ، وذكر أن أبا عمرو حكى ذلك عن بني تميم ، وخرجوا على ذلك قراءة من قرأ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) بسكون الراء ، وقراءة من قرأ (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) بسكون الهمزة ، ولقول الثاني ـ وهو قول أبي العباس المبرد ـ لا يجوز ذلك مطلقا ، لا في الشعر ولا في النثر ، والقول الثالث ـ وهو قول جمهور النحاة ـ أن ذلك لا يجوز في سعة الكلام ، ولكن إذا اضطر شاعر إلى ذلك فأتى به في شعره احتمل منه ، والصحيح قول المبرد.
(٢) كل كلمة على ثلاثة أحرف ، وكان ثانيها مضموما أو مكسورا ، سواء أكانت الكلمة اسما أم كانت فعلا ، جاز لك أن تسكن ثانيها المضموم أو المكسور ، ومثال المضموم ثانيها من الأسماء عضد وعنق ، ومن الأفعال كرم ، ومثال المكسور ثانيها من الأسماء كتف وفخذ وإبل ، ومن الأفعال علم ووسع.