النوع الثاني : ما ليس اسم جهة ، ولكن يشبهه في الإبهام ، كقوله تعالى : (أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) [يوسف ، ٩] (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً) [الفرقان ، ١٣].
والقسم الثاني : أن يكون دالّا على مساحة [معلومة] من الأرض ، ك «سرت فرسخا» و «ميلا» و «بريدا» وأكثرهم يجعل هذا من المبهم ، وحقيقة القول فيه أن فيه إبهاما واختصاصا : أما الإبهام فمن جهة أنه لا يختص ببقعة بعينها ، وأما الاختصاص فمن جهة دلالته على كمية معينة ؛ فعلى هذا يصح فيه القولان.
والقسم الثالث : اسم المكان المشتق من المصدر ، ولكن شرط هذا أن يكون عامله من مادته ، ك «جلست مجلس زيد» و «ذهبت مذهب عمرو» (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ) [الجن ، ٩] ، ولا يجوز «جلست مذهب عمرو» ونحوه.
وما عدا هذه الأنواع الثلاثة من أسماء المكان لا يجوز انتصابه على الظرف ؛ فلا تقول «صلّيت المسجد» ولا «قمت السّوق» ولا «جلست الطّريق» ؛ لأن هذه الأمكنة خاصّة ، ألا ترى أنه ليس كلّ مكان يسمى مسجدا ولا سوقا ولا طريقا؟ وإنما حكمك في هذه الأماكن ونحوها أن تصرّح بحرف الظرفية وهو «في» وقال الشاعر ـ وهو رجل من الجن سمعوا بمكة صوته ولم يروا شخصه ـ يذكر النبي صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر رضياللهعنه حين هاجر :
١١٣ ـ جزى الله ربّ النّاس خير جزائه |
|
رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد |
هما نزلا بالبرّ ثمّ ترحّلا |
|
فأفلح من أمسى رفيق محمّد |
______________________________________________________
١١٣ ـ هذه ثلاثة أبيات من الطويل ، وقد ذكر المؤلف صاحب هذه الأبيات ، وقصتها في هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم ، حدثت ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق رضياللهعنهما قالت : لما خفي علينا أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أتاني نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام ، فخرجت إليهم ، فقال : أين أبوك؟ فقلت : والله لا أدري أين أبي! قالت : فرفع أبو جهل يده ـ وكان فاحشا خبيثا ـ فلطم خدي لطمة خرج منها قرطي ـ والقرط بضم فسكون ـ حلية الأذن ـ قالت : ثم انصرفوا ، ولم ندر أين توجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم أتى رجل من الجن يسمعون صوته ولا يرونه ، وهو ينشد ـ ثم ذكرت الأبيات الثلاثة التي ذكرها المؤلف ـ وذكرت بعدها :