وفي الحديث : «صلّى رسول الله جالسا وصلّى وراءه رجال قياما» فجالسا : حال من المعرفة ، وقياما : حال من النكرة المحضة (١).
وإنما الغالب ـ إذا كان صاحب الحال نكرة ـ أن تكون عامة أو خاصة ، أو مؤخرة عن الحال.
فالأول كقوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) [الشعراء ، ٢٠٨] ؛ فإن الجملة التي بعد (إلا) حال من (قرية) وهي نكرة عامة ؛ لأنها في سياق النفي.
والثاني نحو : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) [الدخان ، ٤ ، ٥] ؛ ف (أمرا) ـ إذا أعرب حالا ـ فصاحب الحال إما المضاف فالمسوغ أنه عام أو خاص ، أما الأول : فمن جهة أنه أحد صيغ العموم ، وأما الثاني : فمن جهة الإضافة ، وأما المضاف إليه فالمسوغ أنه خاص ؛ لوصفه بحكيم ، وقرأ بعض السلف : ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقا [البقرة ، ٨٩] بالنصب ؛ فجعله الزّمخشري حالا من (كتاب) لوصفه بالظرف ، وليس ما ذكر بلازم ، لجواز أن يكون حالا من الضمير المستتر في الظرف.
والثالث كقوله :
٧ ـ * لميّة موحشا طلل* (٢)
فهذه المواضع ونحوها مجيء الحال فيها نكرة قياسيّ ، كما أن الابتداء بالنكرة
______________________________________________________
ينعتهما وأحدهما معطوف على صاحبه؟ قيل : لأنهما قد اجتمعا ، فصار بمنزلة قولك : جاءني زيد وعمرو الظريفان» اه. كلامه «كخافية» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لسود ، وخافية مضاف ، و «الغراب» مضاف إليه ، «الأسحم» نعت للغراب.
__________________
(١) روى البخاري في كتاب الصلاة ، في باب ترجمته «إنما جعل الإمام ليؤتم به» حديثا عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها ، أنها قالت : صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيته وهو شاك ، فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما ، وفي هذه العبارة أيضا دليل لما ساق المؤلف الحديث للاستدلال به.
(٢) قد سبق شرح هذا البيت (ص ٤٨) فارجع إليه هناك تجد أننا قد استوفينا الكلام عليه بما لا يحتاج معه إلى إعادة شيء في هذا الموضع.