وأما التّمنّي فكقوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) [النساء ، ٧٣] ، وقول الشاعر :
١٥٣ ـ * ألا رسول لنا منها فيخبرنا*
فهذه أمثلة النصب بعد فاء السببية في هذه المواضع الثمانية.
______________________________________________________
المعنى : يقول لمخاطبه : لقد حدثك الناس عنا ، وزعموا لك أنا قوم نكرم الضيف ، وننزله خير منزل ، فأنا أعرض عليك أن تزورنا وتلم بدارنا لتعرف حقيقة ما سمعته من أفواه المتحدثين عنا ، ولتكون عارفا بحالنا معرفة أكيدة ؛ فإن المعرفة عن طريق السماع ليست كالمعرفة عن طريق المعاينة والمشاهدة.
الإعراب : «يا» حرف نداء «ابن» منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، وابن مضاف و «الكرام» ، مضاف إليه ، «ألا» أداة عرض ، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، «تدنو» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل ، «فتبصر» الفاء فاء السببية ، تبصر : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة ، وفاعل كل من تدنو وتبصر ضمير مستتر في كل منهما وجوبا تقديره أنت ، «ما» اسم موصول بمعنى الذي : مفعول به لتبصر ، مبني على السكون في محل نصب ، «قد» حرف تحقيق ، «حدثوك» حدث : فعل ماض ، وواو الجماعة فاعله ، وضمير المخاطب مفعول به أول ، ولهذا الفعل مفعول ثان محذوف هو رابط الصلة بالموصول ، والتقدير : فتبصر الذي حدثوكه ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، «فما» الفاء حرف دالّ على التعليل ، وما : نافية ، «راء» مبتدأ ، «كمن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، «سمعا» فعل ماض ، والألف للإطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من المجرورة محلا بالكاف ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة من المجرورة محلّا بالكاف.
الشّاهد فيه : قوله «فتبصر» حيث نصب الفعل المضارع ، الذي هو قوله تبصر ، بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية في جواب العرض المدلول عليه بقوله «ألا ...».
١٥٣ ـ هذا صدر بيت من البسيط لأمية بن أبي الصلت ، وعجزه قوله :
* ما بعد غايتنا من رأس مجرانا*
وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٤٢٠).
اللّغة : «ألا رسول لنا منها» رواية سيبويه والأعلم «ألا رسول لنا منا» وكلتا الروايتين صحيحة المعنى ، وضمير المؤنثة في «منها» على هذه الرواية يعود إلى المقابر ، مثلا «غايتنا» أصل الغاية في