فإن قلت : فقد جعله الزّمخشري منصوبا في جواب الاستفهام!
قلت : هو غالط في ذلك.
وأما العرض فكقول بعض العرب «ألا تقع [في] الماء فتسبح» وكقولك : ألا تأتينا فتحدّثنا» وقول الشاعر :
١٥٢ ـ يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما |
|
قد حدّثوك فما راء كمن سمعا |
وأما التحضيض فكقولك : «هلّا اتّقيت الله تعالى فيغفر لك» و «هلّا أسلمت فتدخل الجنّة».
وهو والعرض متقاربان ، يجمعهما التنبيه على الفعل ، إلا أن في التحضيض زيادة توكيد وحث (١).
وأما قوله تعالى : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) [المنافقون ، ١٠] فمن باب النصب في جواب الدعاء ، ولكن استعيرت فيه عبارة التحضيض أو العرض للدعاء.
______________________________________________________
سنن» جار ومجرور متعلق بأعدل ، وسنن مضاف و «الساعين» مضاف إليه ، «في خير» جار ومجرور متعلق بالساعين ، وخير مضاف و «سنن» مضاف إليه ، مجرور بالكسرة الظاهرة وسكنه لأجل الوقف.
الشّاهد فيه : قوله «فلا أعدل» حيث نصب الفعل المضارع الذي هو قوله «أعدل» بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب فعل الدعاء الذي هو قوله وفق.
ومنه يتبين لك أيضا أن الفصل بلا النافية بين الفاء والفعل لا يمنع من عمل النصب.
١٥٢ ـ هذا بيت من البسيط ، وهذا الشاهد مما لم أقف على نسبته إلى قائل معين ، وقد أنشده الأشموني في باب إعراب الفعل ، والمؤلف في القطر (رقم ٢١) وابن عقيل (رقم ٣٢٦).
اللّغة : «الكرام» جمع كريم ، ويراد به الجواد ، كما يراد به الأصيل ، «تدنو» تقرب ، وأراد به هنا النزول عليهم ، «راء» اسم فاعل فعله رأى بمعنى أبصر.
__________________
(١) اعلم أن بين العرض والتحضيض اجتماعا وافتراقا : فهما يجتمعان في أن كل واحد منهما طلب ، على معنى أن المتكلم طالب من المخاطب أن يحدث الفعل الذي بعد أداة العرض والتحضيض ، وهما يختلفان في أن العرض طلب مع رفق ولين ، والتحضيض طلب مع حث وإزعاج ، ولكل منهما مواضع تليق به.