وأما الاستفهام فشرطه : أن لا يكون بأداة تليها جملة اسمية خبرها جامد ؛ فلا يجوز النصب في نحو «هل أخوك زيد فأكرمه».
ولا فرق بين الاستفهام بالحرف نحو : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) [الأعراف ، ٥٣]. والاستفهام بالاسم نحو : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ) [البقرة ، ٢٤٥] يقرأ برفع (يضاعف) ونصبه ، وفي الحديث حكاية عن الله تعالى «من يدعوني فأستجيب له ، ومن يستغفرني فأغفر له» والاستفهام بالظرف نحو «أين بيتك فأزورك؟» و «متى تسير فأرافقك؟» و «كيف تكون فأصحبك؟».
فإن قلت : فما بال الفعل لم ينصب في جواب الاستفهام في قول الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج ، ٦٣].
قلت : لوجهين ؛ أحدهما : أن الاستفهام هنا معناه الإثبات ، والمعنى قد رأيت أن الله أنزل من السماء ماء ، والثاني : أن إصباح الأرض مخضرّة لا يتسبّب عما دخل عليه الاستفهام ، وهو رؤية المطر ، وإنما يتسبب ذلك عن نزول المطر نفسه ؛ فلو كانت العبارة أنزل الله من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ثم دخل الاستفهام صحّ النصب.
فإن قلت : يردّ هذا الوجه قوله تعالى : (أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي) [المائدة ، ٣١] فإن مواراة السوأة لا يتسبب عما دخل عليه حرف الاستفهام ، لأن العجز عن الشيء لا يكون سببا في حصوله.
قلت : ليس (أوارى) منصوبا في جواب الاستفهام ، وإنما هو منصوب بالعطف على الفعل المنصوب ، وهو (أكون).
______________________________________________________
اللّغة : «وفقني» أراد اهدني وأرشدني ، «أعدل» أميل ، «سنن» بفتح السين والنون جميعا ـ هو الطريق ، «الساعين» جمع ساع ، وهو السائر.
الإعراب : «رب» منادى بحرف نداء محذوف ، والأصل يا ربي ، فحذف ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة التي قبلها «وفقني» وفق : فعل دعاء ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، «فلا» الفاء فاء السببية ، ولا : نافية ، «أعدل» فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، «عن