ذلك ما يزجر عنه ، كذا قال قوم ، وقد اعترض على ذلك بأن حقّا تفتح «أنّ» بعدها (١) ، وكذلك ألا (٢) التي بمعناها ، فكذا ينبغي في «كلّا» ، والأولى أن تفسّر «كلا» في الآية بمعنى «ألا» التي يستفتح بها الكلام ، وتلك تكسر بعدها «إنّ» ، نحو : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) [يونس ، ٦٢] ، والثالث قبل القسم ، نحو : (كَلَّا وَالْقَمَرِ) [سورة المدثر ، الآية : ٣٢] معناه : إي والقمر ، كذا قال النّضر بن شميل ، وتبعه جماعة منهم ابن مالك ، ولها معنى رابع ، تكون بمعنى ألا (٣).
و «إنّ» حرف تأكيد ينصب الاسم بالاتفاق ، ويرفع الخبر خلافا للكوفيين ، والضمير اسمها ، وهو راجع إلى المقالة ، و «كلمة» خبرها ، و «هو قائلها» جملة من مبتدأ وخبر في موضع رفع على أنها صفة لكلمة ، وكذا شأن الجمل الخبرية بعد النكرات ، وأما بعد المعارف (٤) فهي أحوال ، ك «جاء زيد يضحك».
__________________
(١) وذلك كما في قول الشاعر :
أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا |
|
فنيّتنا ونيّتهم فريق |
وكما في قول الآخر :
ألا أبلغ بنى خلف رسولا |
|
أحقّا أنّ أخطلكم هجاني؟ |
(٢) هكذا في أصول الكتاب كافة ، وصوابه «وكذلك أما ـ إلخ» ويدل على خطئه هنا ـ إن صح عنه ما جاء في النسخ التي بين أيدينا ـ ما ذكره بعده.
(٣) اعلم أولا أن النحاة يختلفون في «كلا» أهي بسيطة أم مركبة؟ فذهب أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب إلى أنها مركبة من الكاف الدالة على التشبيه ولا الدالة على النفي ، ثم شددت لامها بعد التركيب لئلا يتوهم أن كل واحد من الحرفين مستعمل في معناه الأصلي ، وذهب غيره من النحاة إلى أنها بسيطة وأنها وضعت من أول الأمر على هذه الصورة ، وهذا هو الصواب. ثم اعلم أن ما ذكره المؤلف من دلالتها على المعاني المتعددة التي ذكرها كلام ملفق من عدة مذاهب للنحاة ، وبيان ذلك أن سيبويه والخليل والمبرد والزجاج وأكثر علماء البصرة يذهبون إلى أن لها معنى واحدا لا تفارقه وهو الردع والزجر ، وذهب الكسائي إلى أنها قد تخرج عن الردع والزجر فتكون بمعنى حقّا ، وذهب أبو حاتم السجستاني إلى أنها قد تخرج عن الردع والزجر فتكون بمعنى ألا الاستفتاحية وذهب النضر بن شميل إلى أنها قد تخرج عن الردع والزجر فتكون بمعنى إي الجوابية التي بمعنى نعم.
(٤) يستثنى من المعارف المحلى بأل ؛ فإن في الجملة بعده تفصيلا ، وذلك بالنظر إلى معنى أل ، فإن كانت أل جنسية فالجملة صفة كما في قول الشاعر (نسبه في الأصمعيات ٧٤ إلى شمر بن عمرو الحنفي) :
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني |
|
فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني |