فإن المضارع المرفوع المؤخر على نية التقديم على أداة الشرط في مذهب سيبويه ، والأصل أقوم إن قام ، ويقول إن أتاه خليل ، والمبرد يرى أنه هو الجواب ، وأن الفاء مقدّرة.
______________________________________________________
قف بالدّيار التي لم يعفها القدم |
|
بلى ، وغيّرها الأرواح والدّيم |
وبيت الشاهد من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٤٣٦) وابن عقيل (رقم ٣٤١) والمؤلف في أوضحه (رقم ٥١٠) والمبرد في الكامل (١ ـ ٧٨).
اللّغة : «خليل» صاحب خلة ـ بفتح الخاء ـ وهي الفقر ؛ فالخليل هنا الفقير المحتاج ، «مسألة» طلب للعطاء ، «حرم» بفتح الحاء المهملة وكسر الراء ـ أي : ممنوع.
الإعراب : «إن» حرف شرط جازم ، «أتاه» أتى : فعل ماض فعل الشرط مبني على فتح مقدر على الألف في محل جزم ، وضمير الغائب العائد إلى الممدوح مفعول به ، «خليل» فاعل أتى ، «يوم» ظرف زمان منصوب على الظرفية عامله أتى ، ويوم مضاف ، و «مسألة» مضاف إليه ، «يقول» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، «لا» نافية عاملة عمل ليس ، أو مهملة لا عمل لها «غائب» اسم لا ، أو مبتدأ «مالي» مال : فاعل بغائب سد مسد خبر لا أو مسد خبر المبتدأ ، ومال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، «ولا» الواو عاطفة ، لا : نافية «حرم» خبر مبتدأ محذوف ، أي : ولا أنت حرم ، أو لا زائدة لتأكيد النفي ، وحرم معطوف على غائب.
الشّاهد فيه : قوله «يقول» وقد اختلف العلماء فيه ، ولهم في ذلك مذهبان مشهوران :
أحدهما : مذهب سيبويه رحمهالله والجمهور ، ذهب إلى أن هذا الفعل المضارع المرفوع ليس جوابا للشرط السابق ، ولكنه دليل على الجواب ، وهو على نية التقديم وإن كان في اللفظ متأخرا ، فكأنه قال : يقول لا غائب مالي إن أتاه خليل.
وثانيهما : مذهب المبرد وأبي زيد والكوفيين ، ذهبوا إلى أن هذا الفعل المضارع هو نفس الجواب ، إلا أنه على تقدير الفاء ومبتدأ تكون جملة هذا المضارع خبرا عنه ، أي إن أتاه خليل فهو يقول.
واعلم أن محل هذا كله إذا كان فعل الشرط ماضيا ، كما في مثال المؤلف وفي بيت الشاهد ، فأما إذا كان الشرط مضارعا فقد أجمعوا على أنه لا يجوز إلا جزم الجواب ، تقول : إن تذاكر تنجح ، بالجزم في الشرط والجزاء جميعا ، ولا يجوز رفع الجواب إلا في ضرورة شعرية مع القبح ، كالذي رواه سيبويه رحمهالله من قول جرير بن عبد الله البجلي :
يا أقرع بن حابس يا أقرع |
|
إنّك إن يصرع أخوك تصرع |
وكالذي رواه من قوله :