ضرورة في البيت ، وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا» (١).
فإن قلت : فهلا استدللت عليه بالآية الكريمة ، آية الحج؟ (٢).
قلت : الصواب أنها ليست من ذلك في شيء ، بل الموصول في موضع جر بدل بعض من (النَّاسِ) أو في موضع رفع بالابتداء على أن (من) موصولة ضمنت معنى الشرط ، أو شرطية ، وحذف الخبر أو الجواب ، أي من استطاع فليحج ، ويؤيد الابتداء (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) وأما الحمل على الفاعلية فمفسد للمعنى ؛ إذ التقدير إذ ذاك : ولله على النّاس أن يحجّ المستطيع ، فعلى هذا إذا لم يحج المستطيع يأثم الناس كلهم.
ولو أضيف للمفعول ثم لم يذكر الفاعل لم يمتنع ذلك في الكلام عند أحد ، نحو : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) [فصلت ، ٤٩] أي من دعائه الخير.
ومثال إعمال ذي الألف واللام قول الشاعر يصف شخصا بضعف الرأي والجبن :
٢٠١ ـ ضعيف النّكاية أعداءه |
|
يخال الفرار يراخى الأجل |
______________________________________________________
٢٠١ ـ هذا بيت من المتقارب ، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٩٩) وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٣٦٥) وابن عقيل (رقم ٢٤٤) والأشموني (رقم ٦٧٨).
اللّغة : «النكاية» بكسر النون ـ مصدر «نكيت في العدو» إذا أثرت فيه ، «يخال» يظن ، «الفرار» الهرب.
الإعراب : «ضعيف» خبر مبتدأ محذوف ، أي هو ضعيف ، وضعيف مضاف و «النكاية» مضاف إليه ، «أعداءه» أعداء : مفعول به للنكاية ، وأعداء مضاف وضمير الغائب مضاف إليه ،
__________________
(١) هذه قطعة من حديث طويل رواه البخاري وغيره وهو «بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» والمصادر الخمسة المذكورة في هذا الحديث كلها مضافة إلى المفعول ، ولم يذكر الفاعل إلا في الخامس الذي رواه المؤلف ، فتفطن لذلك ، وتقدير الكلام : وأن يحج البيت من استطاع إليه سبيلا.
(٢) هي قوله تباركت كلماته : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٩٧].