وإعمالهما قليل ؛ فلهذا خالف سيبويه فيهما قوم من البصريين (١) ووافقه منهم آخرون ، ووافقه بعضهم في فعل (٢) لأنه على وزن الفعل ، وخالفه في فعيل ؛ لأنه على وزن الصفة المشبهة كظريف ، وذلك لا ينصب المفعول.
______________________________________________________
رواه المؤلف صدر بيت من الوافر ، وعجزه قوله :
* جحاش الكرملين لها فديد*
اللّغة : «جحاش» جمع جحش ، وهو الحمار الصغير ، «الكرملين» بكسر الكاف والميم بينهما راء مهملة ساكنة ـ تثنية كرمل ، وهو اسم ماء بجبل من جبال طيئ ، «فديد» صوت.
المعنى : يقول : بلغني أن هؤلاء الناس أكثروا من تمزيق عرضي والنيل منه بالطعن والقدح ، وإنهم عندي بمنزلة الجحاش التي ترد ماء الكرملين وهي تصيح وتصوت ، يريد أنه لا يعبأ بهم ، ولا يكترث بما يقولونه ؛ لأن كلامهم يشبه أصوات صغار الحمير.
الإعراب : «أتاني» أتى : فعل ماض ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، «أنهم» أن : حرف توكيد ونصب ، وضمير الغائبين اسم أن «مزقون» خبر أن ، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم ، «عرضي» عرض مفعول به لمزقون ، وعرض مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، «جحاش» خبر لمبتدأ محذوف : أي هم جحاش ، وجحاش مضاف و «الكرملين» مضاف إليه ، «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، «فديد» مبتدأ مؤخر ، وجملة هذا المبتدأ وخبره في محل نصب حال صاحبه جحاش الكرملين الواقع خبرا.
الشّاهد فيه : قوله «مزقون عرضي» حيث أعمل صيغة المبالغة ، وهو قوله مزقون الذي هو جمع مزق ـ بفتح الميم وكسر الزاي ـ عمل الفعل ؛ فنصب به المفعول به ـ وهو قوله عرضي ـ على ما تبين في الإعراب.
وفي البيت دليل على أن جمع صيغة المبالغة يعمل كعمل مفردها ، وهو ظاهر ، ومن شواهد إعمال فعل قول لبيد بن ربيعة العامري ، وهو من شواهد سيبويه :
أو مسحل شنج عضادة سمحج |
|
بسراته ندب لها وكلوم |
وقول الآخر :
حذر أمورا لا تضير ، وآمن |
|
ما ليس منجيه من المقدار |
__________________
(١) خالف سيبويه في هذا الموضع أكثر البصريين.
(٢) اشتهر عن الجرمي أنه يوافق سيبويه في إعمال فعل ؛ لكونه على وزن الفعل من نحو علم وفرح وجذل وبطر وسمع وفهم وحذر.