فلم تستعمله العرب ، وقد يخرّج على إضمار «ما» موصولة ببين ، وذلك على قول الكوفيين إن الموصول يجوز حذفه (١).
______________________________________________________
أحد وجهين يمكن تخريج هذا التعبير عليهما ، وثانيهما تقدير «ما» موصولة محذوفة تكون فاعل شتان ، وبين على هذا ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول ؛ فيكون كبيت ربيعة السابق ، وحذف الموصول وبقاء صلته مما أجازه الكوفيون والبغداديون والأخفش من البصريين ، وارتضاه ابن مالك في التسهيل ، وسننشدك شاهدا عليه.
الشّاهد فيه : قوله «شتان بين صنيعكم» حيث أتى فيه الشاعر بأسلوب لم تستعمله العرب ـ على ما زعم المؤلف ـ فلا هو ذكر الفاعل المتعدد كالأعشى ومن قبله ولا هو ذكر «ما» قبل «بين» حتى نجعلها موصولة ونحملها على متعدد كما في بيت ربيعة الرقي.
ومثل هذا البيت قول الآخر :
سارت مشرّقة وسرت مغرّبا |
|
شتّان بين مشرّق ومغرّب |
وقول حسان بن ثابت الأنصاري :
وشتّان بينكما في النّدى |
|
وفي البأس والخير والمنظر |
ومثل ذلك أيضا ما رواه أبو زيد في نوادره من قول الشاعر :
شتّان بينهما في كلّ منزلة |
|
هذا يخاف وهذا يرتجى أبدا |
وقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي :
همّوا ببعد عنك غير تقرّب |
|
شتّان بين القرب والإبعاد |
والشواهد كثيرة على ذلك من كلام العرب المحتج به ؛ فلا تبال ما قال المؤلف ، فإن من حفظ حجة على من لم يحفظ.
ومما يدلك على صحة ما اخترناه أنك تجد العلماء من أئمة الشعراء قد استعملوا هذا الأسلوب على هذا الوجه ، انظر مثلا قول ابن المعتز :
والفكر قبل القول يؤمن زيفه |
|
شتّان بين رويّة وبديه |
__________________
(١) ويجوز تخريجه على أن «بين» فاعل شتان ، كما ذكرناه في إعراب البيت.
ومما يدل لمذهب الكوفيين الذين جوزوا حذف الموصول وبقاء صلته قول حسان بن ثابت :
أمن يهجو رسول الله منكم |
|
وينصره ويمدحه سواء |
فإن التقدير : ومن ينصره ويمدحه ، ضرورة أن الذي يهجوه ليس هو الذي ينصره ويمدحه.