وفهم من قولي «فعل أو وصف» أن العامل إن لم يكن أحدهما لم تكن المسألة من باب الاشتغال ، وذلك نحو : «زيد إنّه فاضل» و «عمرو كأنه أسد» وذلك لأن الحرف لا يعمل فيما قبله ، وكذلك نحو : «زيد دراكه» و «عمرو عليكه» لأن اسم الفعل لا يعمل فيما قبله ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا ، من ثمّ لم يجز النصب على الاشتغال في نحو : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر ، ٥٢] وقولك «زيد ما أحسنه» ؛ لأن «فعلوه» صفة ، والصفة لا تعمل في الموصوف ، وفعل التعجب جامد ، فهو شبيه بالحرف فلا يعمل فيما قبله ، لا سيما وبينهما «ما» التعجبية ، ولها الصّدر ، وكذلك «زيد أنا الضّاربه» لأن أل موصولة ، فلا يتقدم عليها معمول صلتها.
ثم الاسم الذي تقدّم ، وبعده فعل أو وصف ، وكل منهما ناصب لضميره أو لسببيه ينقسم خمسة أقسام :
(١) أحدها : ما يترجّح نصبه ، وذلك في ثلاث مسائل :
إحداها : أن يكون الفعل المشغول طلبا ، نحو : «زيدا اضربه» و «عمرا لا تهنه».
الثانية : أن يتقدم عليه أداة يغلب دخولها على الفعل ، نحو : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) [القمر ، ٢٤].
الثالثة : أن يقترن الاسم بعاطف مسبوق بجملة فعلية لم تبن على مبتدأ ، كقوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ* وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ) [النحل ، ٤ و ٥].
(٢) الثاني : ما يترجّح رفعه بالابتداء ، وذلك فيما لم يتقدم عليه ما يطلب الفعل وجوبا أو رجحانا ، نحو : «زيد ضربته» وذلك لأن النصب محوج إلى التقدير ولا طالب له ، والرفع غني عنه ، فكان أولى ، لأن التقدير خلاف الأصل ، ومن ثمّ منعه بعض النحويين ، ويرده أنه قرئ : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) [الرعد ، ٢٣] (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النور ، ١] بنصب «جنّات» و «سورة».
(٣) الثالث : ما يجب نصبه ، وذلك فيما تقدم عليه ما يطلب الفعل على سبيل الوجوب ، نحو : «إن زيدا رأيته فأكرمه».