ويجب عند جماهير النحويين كون الموصوف إما أعرف من الصفة ، أو مساويا لها فلا يجوز أن يكون دونها :
فالأول كقولك : «مررت بزيد الفاضل» فإن العلم أعرف من المعرّف باللام.
والثاني نحو : «مررت بالرجل الفاضل» فإنهما معرفان باللام.
والثالث نحو : «مررت بالرجل صاحبك» فصاحبك بدل عندهم ، لا نعت ؛ لأن المضاف للضمير في رتبة الضمير أو رتبة العلم ؛ وكلاهما أعرف من المعرف باللام.
وأما الإفراد وضدّاه ـ وهما التثنية والجمع ـ والتذكير وضده ـ وهو التأنيث ـ فإن النعت يعطى من ذلك حكم الفعل الذي يحلّ محلّه من ذلك الكلام ؛ فتقول : «مررت بامرأة حسن أبوها» بالتذكير ، كما تقول : «حسن أبوها» وفي التنزيل : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) [النساء ، ٧٥] و «برجل حسنة أمّه» بالتأنيث ، كما تقول : «حسنت أمّه» وتقول : «برجل حسن أبواه» و «برجل حسن آباؤه» ولا تقول : «حسنين» ولا «حسنين» إلا على لغة من قال «أكلوني البراغيث» وعلى ذلك فقس.
إلا أن العرب أجروا جمع التكسير مجرى الواحد ؛ فأجازوا فصيحا «مررت برجل قعود غلمانه» كما تقول «قاعد غلمانه» وقوم رجحوه على الإفراد ، وإليه أذهب ، وأما جمع التصحيح فإنما يقوله من يقول : «أكلوني البراغيث».
وإذا كان المنعوت معلوما بدون النعت نحو : «مررت بامرئ القيس الشاعر» جاز لك فيه ثلاثة أوجه : الإتباع فيخفض ، والقطع بالرفع بإضمار هو ، وبالنصب بإضمار فعل ، ويجب أن يكون ذلك الفعل أخصّ أو أعني في صفة التوضيح ، وأمدح في صفة المدح ، وأذمّ في صفة الذم.
فالأول : كما في المثال المذكور.
والثاني : كما في قول بعض العرب : «الحمد لله أهل الحمد» بالنصب.
والثالث : كما في قوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد ، ٤] يقرأ في السبع (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بالنصب بإضمار أذمّ ، وبالرفع إما على الإتباع ، أو بإضمار هي.