بدل ، ونحو «بالرجل الفاضل» و «بزيد الفاضل» نعت ، وأمره في الإفراد والتّذكير وأضدادهما كالفعل ، ولكن يترجّح نحو «جاءني رجل قعود غلمانه» على «قاعد» وأمّا «قاعدون» فضعيف ، ويجوز قطعه إن علم متبوعه بدونه : بالرّفع ، أو بالنّصب.
وأقول : مثال المشتق «مررت برجل ضارب ، أو مضروب ، أو حسن الوجه ، أو خير من عمرو» ومثال المؤول به «مررت برجل أسد» أي شجاع ، ومثال ما يفيد تخصيص المتبوع قوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [النساء ، ٩٢] ومثال ما يفيد مدحه (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الفاتحة ، ٢] ومثال ما يفيد ذمه «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ومثال ما يفيد الترحّم عليه «اللهمّ أنا عبدك المسكين» ومثال التوكيد (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) [الحاقة ، ١٣] و (عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) [البقرة ، ١٩٦] و (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) [النحل ، ٥١] ، وزعم قوم من أهل البيان أن «اثنين» عطف بيان ، ويحتاج شرح ذلك إلى بسط طويل (١).
وقد لهج المعربون بأن النعت يتبع المنعوت في أربعة من عشرة ، والتحقيق أن الأمر على النصف في العددين ، وأنه إنما يتبع في اثنين من خمسة (٢) ، وهما واحد من أوجه الإعراب الثلاثة ـ التي هي الرفع والنصب والجر ـ وواحد من التعريف والتنكير ؛ فلا تنعت نكرة بمعرفة ، ولا العكس ؛ لا تقول : «مررت برجل الفاضل» ولا «بزيد فاضل» كما أنه لا يتبع المرفوع بمنصوب ولا مجرور ، ولا نحو ذلك.
__________________
(١) تلخيص القول في هذا الموضع أن العلماء قد اختلفوا في جواز مجيء عطف البيان في النكرات ، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال :
القول الأول : لا يكون عطف البيان في النكرات أصلا ، وعليه لا يكون قوله سبحانه (اثنين) عطف بيان.
والقول الثاني : يجوز أن يكون عطف البيان في النكرات ، لكن بشرط أن يكون البيان أجلى وأوضح من المبين ، وعليه لا يكون قوله (اثنين) عطف بيان أيضا ؛ لكونه ليس أوضح من متبوعه.
والقول الثالث : يجوز أن يجيء عطف البيان في النكرات وإن لم يكن البيان أجلى ولا أوضح من المبين ؛ لجواز أن يكون الإيضاح باجتماع البيان والمبين ، وعلى هذا القول وحده يجوز أن يكون قوله جل ذكره (اثنين) عطف بيان على قوله (إلهين).
(٢) الخلاف بين المؤلف والنحاة الذين لهجوا بما ذكره عنهم خلاف لفظي ؛ لأن غرضهم أن النعت الحقيقي يتبع منعوته في أربعة من عشرة ، وكلامه في النعت مطلقا ، سواء أكان حقيقيّا أم كن سببيّا.