مرفوعا لخلوه عن الناصب والجازم ، ومحتملا للحال والاستقبال ؛ فإذا دخلت عليه «لم» جزمته وقلبته إلى معنى المضيّ ، وفي الفعل الأول ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية ، وفي الثاني ضمير مستتر مرفوع لنيابته مناب الفاعل ، ولا ضمير في الثالث ؛ لأنه قد رفع الظاهر ، وهو «أحد» فإنه اسم «يكن» و «كفوا» خبرها ، وجوّزوا أن يكون حالا على أنه في الأصل صفة لأحد ، ونعت النكرة إذا تقدّم عليها انتصب على الحال ، كقوله :
______________________________________________________
٧ ـ لميّة موحشا طلل |
|
يلوح كأنّه خلل |
٧ ـ هذا بيت من مجزوء الوافر ، وهو من كلام كثير عزة ، وقد أنشده سيبويه (ج ١ ص ٢٧٦) ، كما أنشده المؤلف في كتابه أوضح المسالك (رقم ٢٦٩) وفي كتابه قطر الندى (رقم ١٠٥) ، وسينشد المؤلف صدر هذا الشاهد مرة أخرى في باب الحال من هذا الكتاب ، حيث يستدل على ما ذكره هنا من أن صاحب الحال قد يكون نكرة إذا وجد مسوغ لذلك ، ومن مسوغاته تقدم الحال عليه.
اللّغة : «مية» اسم امرأة ، «موحشا» اسم فاعل من قولهم : أوحش المنزل ، إذا خلا من السكان ، وأصل معنى «أوحش المنزل» صار مسكنا للوحش ، وإنما يكون ذلك إذا خلا من الإنس ، «طلل» الطلل : ما بقي شاخصا ـ أي مرتفعا ظاهرا ـ من آثار الديار ، «خلل» بكسر الخاء وفتح اللام الأولى ـ جمع خلة بكسر الخاء ـ وهو بطانة تغشى بها أجفان السيف.
الإعراب : «لمية» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، «موحشا» حال تقدم على صاحبه «طلل» مبتدأ مؤخر ، وهو صاحب الحال ، وستعرف لنا كلاما في ذلك ، «يلوح» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على طلل ، والجملة في محل رفع صفة لطلل ، «كأنه» كأن : حرف تشبيه ونصب ، والضمير العائد إلى طلل اسمه «خلل» خبر كأن ، والجملة في محل رفع صفة ثانية لطلل.
الشّاهد فيه : استشهد المؤلف بهذا البيت على أن نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا ، وهذا الكلام صحيح ، وبيانه أن أصل الكلام : لمية طلل موحش ، برفع موحش على أنه صفة لطلل ، ثم قدم قوله «موحشا» على «طلل» فوجب أن ينصبه على أنه حال ، لأن الصفة لا يجوز أن تتقدم على الموصوف ، لكن بقي أنهم يقولون : إن الحال لا يجيء من المبتدأ على الأصح ، لأن العامل في الحال عند هؤلاء يجب أن يكون هو العامل في صاحبه ، والعامل في المبتدأ هو الابتداء على أرجح الأقوال ، والابتداء عامل ضعيف ؛ لكونه معنويا ، فلا يقوى على العمل في شيئين المبتدأ والحال ، وهم يجعلون صاحب الحال في مثل هذا التركيب هو الضمير المستتر في الخبر ، وهذا الضمير عائد على المبتدأ ،