ولا بدّ من كونه مفتتحا بحرف من أحرف «نأيت» (١) نحو : «نقوم ، وأقوم ، ويقوم زيد ، وتقوم يا زيد» ، ويجب فتح هذه الأحرف إن كان الماضي غير رباعي ، سواء نقص عنها كما مثلنا ، أو زاد عليها نحو : «ينطلق ويستخرج» ، وضمّها إن كان رباعيّا ، سواء كان كله أصولا ، نحو : «دحرج يدحرج» ، أو واحد من أحرفه زائدا ، نحو : «أجاب يجيب» ، وذلك لأن أجاب وزنه أفعل ، وكذا كل كلمة وجدت أحرفها أربعة لا غير ، وأول تلك الأربعة همزة ؛ فاحكم بأنها زائدة ، نحو : «أحمد وإصبع وإثمد» ، ومن أمثلة المضارع قوله تبارك وتعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص ، ٣ ، ٤].
(لم) حرف جزم لنفي المضارع وقلبه ماضيا ، تقول : «يقوم زيد» فيكون الفعل
______________________________________________________
أيا جارتا ما أنصف الدّهر بيننا |
|
تعالي ... إلخ |
وقد نسب العلامة الأمير هذه الأبيات لأبي نواس ، ولعله انتقال نظر منه ، أو تحريف من النساخ.
الإعراب : «تعالي» فعل أمر ، مبني على حذف النون ، وياء المخاطبة فاعله ، «أقاسمك» أقاسم : فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والكاف ضمير المخاطبة مفعول به أول ، مبني على الكسر في محل نصب ، «الهموم» مفعول ثان لأقاسم ، منصوب بالفتحة الظاهرة ، «تعالي» إعرابه كالسابق ، وجملته تأكيد للجملة السابقة.
التمثيل به : أراد المؤلف بذكره هذا البيت هنا أن يذكر أن هذا الشاعر قد أخطأ فكسر لام «تعالي» والواجب أن يفتحها ويسكن الياء ، كما هو شأن كل فعل أمر آخره ألف حين يسند لياء المخاطبة ؛ لكن الذي أنكره المؤلف في هذه الكلمة قد حكاه غيره على أنه لغة من لغات العرب ، وهؤلاء ذكروا أن لغة أهل الحجاز كسر اللام في «تعال» عند إسناده لياء المخاطبة ، وضمها عند إسناده لواو الجماعة ، وإن كان الاستعمال المشهور الذي عليه أكثر العرب فتحها في جميع الأحوال ، وعلى هذا يكون الشاعر قد جرى على لغة أهل الحجاز ، لا على وجه غير صحيح ، فتأمل ذلك.
__________________
(١) ولا بد من أن يكون الحرف من حروف «نأيت» زائدا على أصل حروف الفعل للدلالة على التكلم أو الخطاب ونحوهما ، فإن كان حرف «نأيت» من أصل الكلمة نحو أخذ وأكل ، ونحو نأى ونفع ، ونحو تبع وترك ، ونحو ينع ويفع ، أو كان حرف نأيت زائدا لا لأجل الدلالة على ما ذكرنا نحو أكرم وأمعن ، ونحو تمهل وتعجل ، لم يكن مصحوبه فعلا مضارعا ، بل هو في جميع هذه الأمثلة التي ذكرناها فعل ماض.