والثالث : ما تحصل به الفائدة ، سواء كان لفظا ، أو خطّا ، أو إشارة ، أو ما نطق به لسان الحال ، والدليل على ذلك في الخط قول العرب : «القلم أحد اللّسانين» وتسميتهم ما بين دفّتي المصحف «كلام الله» (١) ، والدليل عليه في الإشارة قوله تعالى : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) [آل عمران ، ٤١] ، فاستثنى الرمز من الكلام ، والأصل في الاستثناء الاتّصال ، وأما قوله :
١٠ ـ أشارت بطرف العين خيفة أهلها |
|
إشارة محزون ولم تتكلّم |
______________________________________________________
الإعراب : «لا» ناهية «يعجبنك» يعجب : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد في محل جزم بلا الناهية ، ونون التوكيد الثقيلة حرف لا محل له من الإعراب ، والكاف ضمير ، المخاطب مفعول به مبني على الفتح في محل نصب ، «من خطيب» جار ومجرور متعلق بيعجب ، «خطبة» فاعل يعجب ، «حتى» حرف غاية وجر ، «يكون» فعل مضارع ناقص منصوب بأن المضمرة بعد حتى ، واسم يكون ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى خطيب ، «مع» ظرف منصوب على الظرفية متعلق بقوله «أصيلا» الآتي ، و «مع» مضاف ، و «الكلام» مضاف إليه ، «أصيلا» خبر يكون ، وأن المضمرة مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحتى ، «إن» حرف توكيد ونصب ، «الكلام» اسم إن ، «لفي الفؤاد» اللام هي اللام المزحلقة ، و «في الفؤاد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن ، «إنما» أداة حصر ، «جعل» فعل ماض مبني للمجهول ، «اللسان» نائب فاعل «جعل» وهو مفعول أول ، «على الفؤاد» جار ومجرور متعلق بقوله دليلا الآتي ، «دليلا» مفعول ثان لجعل.
الشّاهد فيه : أنشد المؤلف هذا الشاهد ليستدل به على أن لفظ الكلام يطلقه العرب على المعاني التي تقوم في نفس الإنسان ويتخيلها ، قبل أن يعبر عنها بألفاظ تدل عليها ، وقول الأخطل «إن الكلام لفي الفؤاد» يدل على هذا الذي ذكره المؤلف دلالة واضحة ، ثم إن هذا المعنى الذي ذكره المؤلف معنى حقيقي للفظ الكلام ، لا مجازي ، والعبارات والألفاظ إنما هي دلائل ، والكتابة دالة على العبارة الدالة على الكلام القائم في النفس.
١٠ ـ هذان البيتان من بحر الطويل ، وهما من قصيدة عدد أبياتها تسعة عشر بيتا لعمر بن أبي ربيعة المخزومي (انظر شرحنا لديوانه ١٩٥ وما بعدها) وأول هذه القصيدة قوله :
__________________
(١) ويطلق «كلام الله» على ما ننطق به أيضا ، ومن ذلك قول الله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) [سورة التوبة ، ٦].