من يستعمله تامّا في حالة الإضافة ؛ فيقول : هذا هنوك ، ورأيت هناك ، ومررت بهنيك ، وهي لغة قليلة ، ولقلّتها لم يطّلع عليها الفرّاء ، ولا أبو القاسم الزّجّاحي ، فادّعّيا أن الأسماء المعربة بالحروف خمسة لا ستة.
واعلم أن لغة النقص مع كونها أكثر استعمالا هي أفصح قياسا ، وذلك لأن ما كان ناقصا في الإفراد فحقّه أن يبقى على نقصه في الإضافة ، وذلك نحو : «يد» أصلها يدي ، فحذفوا لامها في الإفراد ، وهي الياء ، وجعلوا الإعراب على ما قبلها فقالوا : هذه يد ، ثم لما أضافوها أبقوها محذوفة اللام ، قال الله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح ، ١٠] وقال الله تعالى : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي) [المائدة ، ٢٨] وقال الله تعالى : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً) [ص ، ٤٤].
فأما الآية الأولى : ف (يد) فيها مبتدأ مرفوع بالضمة ، و (الله) مضاف إليه مخفوض بالكسرة ، و (فوق) ظرف مكان منصوب بالفتحة ، وهو متعلق بمحذوف هو الخبر : أي كائنة فوق أيديهم ، (وأيديهم) مضاف ومضاف إليه ، ورجعت الياء التي كانت في المفرد محذوفة ؛ لأن التكسير يردّ الأشياء إلى أصولها (١).
وأما الآية الثانية : فاللام دالة على قسم مقدر : أي والله لئن ، وتسمى اللام المؤذنة والموطّئة ؛ لأنها آذنت بالقسم ووطّأت الجواب له ، (وإن) حرف شرط ، و (بسطت) فعل ماض وفاعل ، و (إلىّ) جار ومجرور متعلق ببسطت ، و (يدك) مفعول به ومضاف إليه ، واللّام من (لتقتلنى) لام التعليل ، وهي حرف جر ، والفعل منصوب بأن مضمرة بعدها جوازا ، لا بها نفسها ؛ خلافا للكوفيين ، وأن المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض باللّام : أي للقتل ، و (ما) نافية ، و (أنا) اسمها إن قدرت حجازية وهو الظاهر (٢) ومبتدأ إن قدرت تميمية ، والباء زائدة فلا تتعلق بشيء ، وكذا جميع
__________________
(١) وكذلك رجعت الياء في التثنية عند بعض العرب ، نحو قول الشاعر :
يديان بيضاوان عند محلّم |
|
قد تمنعانك أن تذلّ وتضهدا |
وأكثر العرب لا يعيد الياء في التثنية ، وعليه قوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ومنه المثل «يداك أوكتا وفوك نفخ».
(٢) وجه كونه هو الظاهر أن القرآن نزل بلغة أهل الحجاز.