وأقول : ألحق بالمثنى خمسة ألفاظ ـ وهي : اثنان ، للمذكّرين ، واثنتان ، للمؤنّثتين ، في لغة الحجاز ، وثنتان لهما في لغة تميم ـ وهذه الثلاثة تجري مجرى المثنى في إعرابه دائما ، من غير شرط ، وإنما لم نسمّها مثنّاة لأنها ليست اختصارا للمتعاطفين ؛ إذ لا مفرد لها ، لا يقال «اثن» ولا «اثنة» ولا «ثنت».
ومن شواهد رفعها بالألف قوله تعالى : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) [البقرة ، ٦٠] ف (اثنتا) فاعل فانفجرت ، وقوله تعالى : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ) [المائدة ، ١٠٦] ف (اثنان) مرفوع إما على أنه خبر المبتدأ ، وهو «شهادة» وذلك على أن الأصل شهادة بينكم شهادة اثنين ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع [ارتفاعه] وإنما قدّرنا هذا المضاف لأن المبتدأ لا بد أن يكون عين الخبر نحو «زيد أخوك» أو مشبها به نحو : «زيد أسد» والشهادة ليست نفس الاثنين ولا مشبهة بهما ، وإما على أنه فاعل بالمصدر ، وهو الشهادة ، والتقدير : ومما فرض عليكم أن يشهد بينكم اثنان.
ومن شواهد النصب قوله تعالى : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) [يس ، ١٤] (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) [غافر ، ١١] ف (اثنين) مفعول به ، و (اثنتين) مفعول مطلق : أي إماتتين ، وكذلك (وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) [غافر ، ١١] ومنه أيضا قوله تعالى : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة ، ١٢] ف (اثني) مفعول (بعثنا) وعلامة نصبه الياء.
والكلمتان الرابعة والخامسة : كلا ، وكلتا ، وشرط إجرائهما مجرى المثنى إضافتهما إلى المضمر ، تقول : جاءني كلاهما ، ورأيت كليهما ، ومررت بكليهما ، وكذا في كلتا ، قال الله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ
__________________
الاعتراض الثاني بأن اللام التي لا تدخل على خبر المبتدأ هي لام الابتداء ، ونحن لا نقول بأن هذه لام الابتداء ، بل هي اللام الزائدة مثل التي في قول الراجز* أم الحليس لعجوز شهربه* وقد حكى المقري في نفح الطيب (٧ / ١٨٩ بتحقيقنا) أن ابن البناء سئل عن هذه الآية : لم لم تعمل إن النصب والرفع في هذه الآية؟ فأجاب : لما لم يؤثر القول في المقول لهم لم يعمل العامل في المعمول ، فقال له السائل : إن هذا الجواب لا ينهض؟ فقال : إن هذا الجواب زهرة لا تحتمل أن تحك بين الأكف ـ وأقول : هذا الجواب ليس من باب التخريج على القواعد ، ولكنه من الإشارات التي يقول مثلها أهل التصوف.