مضارع اتصل به ألف اثنين ، أو واو جماعة ، أو ياء مخاطبة.
وحكمها أن ترفع بثبوت النون نيابة عن الضمة ، وتنصب وتجزم بحذفها نيابة عن الفتحة والسكون ، مثال الرفع قوله تعالى : (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) [الرحمن ، ٥] (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة ، ٢٢] (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) [البقرة ، ٨٤] (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [الأعراف ، ٩٥] فالمضارع في ذلك كله مرفوع ؛ لخلوه عن الناصب والجازم ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، ومثال الجزم والنصب قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) [البقرة ، ٢٤] ف (لَمْ تَفْعَلُوا) جازم ومجزوم ، و (لَنْ تَفْعَلُوا) ناصب ومنصوب ، وعلامة الجزم والنصب فيهما حذف النون.
فإن قلت : فما تصنع في قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) [البقرة ، ٢٣٧] فإن «أن» ناصبة ، والنون ثابتة معه؟
قلت : ليست الواو هنا واو الجماعة ، وإنما هي لام الكلمة التي في قولك «زيد يعفو» وليست النون هنا نون الرفع ، وإنما هي اسم مضمر عائد على المطلقات ، مثلها في (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) [البقرة ، ٢٢٨] والفعل مبنيّ لاتصاله بنون النسوة ، ووزن يعفون على هذا يفعلن ، كما أنك إذا قلت «النسوة يخرجن» أو «يكتبن» كان ذلك وزنه ، وأما إذا قلت «الرّجال يعفون» فالواو واو الجماعة ، والنون علامة الرفع ، والأصل يعفوون ، بواوين أولاهما لام الكلمة والثانية واو الجماعة ، فاستثقلت الضمة على واو قبلها ضمة وبعدها واو ساكنة ـ وهي الواو الأولى ـ فحذفت الضمة فالتقى ساكنان ، وهما الواوان ، فحذفت الأولى ، وإنما خصّت بالحذف دون الثانية لثلاثة أمور :
أحدها : أن الأولى جزء [كلمة] والثانية كلمة ، وحذف جزء أسهل من حذف كلّ.
والثاني : أن الأولى آخر الفعل ، والحذف بالأواخر أولى.
والثالث : أن الأولى لا تدلّ على معنى والثانية دالة على معنى ، وحذف ما لا يدلّ أولى من حذف ما يدلّ.