تلك المعاني التي تدور في النفس غير العلم والإرادة (١).
ثمّ إنّ للأشاعرة دلائل خاصّة في اثبات الكلام النفسي ، وإنّ هناك معاني في النفس وهو غير العلم والإرادة والكراهة كلّّها فاسدة ، وقد أوضحنا حالها في بعض موسوعاتنا الكلاميّة (٢). هذا كلّه حول حقيقة كلامه. بقي البحث عن حدوثه وقدمه فنحن في غنى عن هذا البحث بعد ثبوت كونه من صفاته الفعلية ومن المعلوم أنّ فعله سبحانه غيره ، وكلّ ما هو غيره مخلوق ، حادث غير قديم. نعم يجب علينا أن نجتنب عن توصيف القرآن بكونه مخلوقاً ونقول مكان كونه مخلوقاً « محدثاً » وذلك لئلاّ يفسّر بكونه « مختلقاً » ومصنوعاً للبشر قال سبحانه حاكياً عن المشركين : ( إِنْ هَٰذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ ) ( المدثّر / ٢٥ ).
ولأجل ذلك قال الإمام الرضا عليهالسلام عند السؤال عن القرآن :
« كلام الله لا تتجاوزوه ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوه » (٣).
ونقل سليمان بن جعفر الجعفري انّه سأل موسى بن جعفر عليهالسلام عن القرآن وانّه مخلوق أو غير مخلوق ؟ فقال : « إنّي لا أقول في ذلك ما يقولون ، ولكنّي أقول : إنّه كلام الله » (٤).
ترى أنّ الإمام عليهالسلام يبتعد عن الخوض في تلك المسألة لما رأى أنّ الخوض فيها ليس لصالح الإسلام ، وأنّ الإكتفاء بأنّه كلام الله أحسم لمادّة الخلاف ، ولكنّهم عليهمالسلام عند ما أحسّوا بسلامة الموقف ، وهدوء الأجواء أدلوا برأيهم في الموضوع ، وصرّحوا بأنّ الخالق هو الله وغيره مخلوق والقرآن ليس
__________________
(١) المواقف : ص ٢٩٤.
(٢) لاحظ « بحوث في الملل والنحل » ص ٢٧١ ـ ٢٧٨ ، والالهيات ص ١٩٧ ـ ٢٠٤.
(٣) التوحيد للصدوق باب « القرآن ما هو ؟ » ص ٢٢٣ الحديث ٢.
(٤) نفس المصدر : ص ٢٢٤ الحديث ٥.