نفسه سبحانه ، وإلاّ يلزم اتّحاد المُنزِل والمُنزَل ، فهو غيره ، فيكون لا محالة مخلوقاً.
فقد روى محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، قال : كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا عليهمالسلام إلى بعض شيعته ببغداد :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، عصمنا الله وإيّاك من الفتنة ، فإن يفعل فقد أعظم بها نعمة ، وإن لا يفعل فهي الهلكة ، نحن نرى أنّ الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب ، فيتعاطى السائل ما ليس له ، ويتكلّف المجيب ما ليس عليه ، وليس الخالق إلاّ الله عزّ وجلّ وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله ، لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالّين ، جعلنا الله وإيّاك من الذين يخشون ربّهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون » (١).
وفي الروايات المرويّة اشارة إلى المحنة التي نقلها المؤرّخون فقد كان أحمد بن أبي دؤاد كتب في عصر المأمون إلى الولاة في العواصم الإسلامية أي يختبروا الفقهاء والمحدّثين في مسألة خلق القرآن وفرض عليهم أن يعاقبوا كلّ من لا يرى رأي المعتزلة في هذه المسألة ، وجاء المعتصم والواثق فطبّقا سيرة المأمون وسياسته مع خصوم المعتزلة وبلغت المحنة أشدّها على المحدّثين ، ولمّا جاء المتوكّل نصر مذهب الحنابلة وأقصى المعتزلة وأحاطت المحنة باُولئك الذين كانوا بالأمس القريب يفرضون آراءهم بالقهر والقوّة.
بالله عليك هل يمكن عدّ مثل هذا الجدال إسلاميّاً ، وقرآنيّاً وبذلك تقف على أنّه لماذا كتب الإمام الهادي إلى بعض شيعته ببغداد : « عصمنا الله وإيّاك من الفتنة ... ».
قال المفيد : « إنّ كلام الله محدث وبذلك جاءت الآثار عن آل محمد عليهمالسلام وعليه اجماع الإماميّة والمعتزلة بأسرها والمرجئة إلاّ من شذّ عنها وجماعة من أهل الحديث وأكثر الزيدية والخوارج. وأقول : إنّ القرآن كلام
__________________
(١) توحيد الصدوق ، باب القرآن ما هو ، الأحاديث : ٢ و ٣ و ٤ و ٥.