يلاحظ عليه : أنّ تنزيه الحق عن الشرك والنّد لا يتوقف على اثبات الحدوث الزماني للعالم ، بل يكفي هنا القول بأنّه سبحانه قديم بالذات وإنّ غيره حادث كذلك سواء أكان له حدوث زماني أو لا ، وبعبارة اُخرى التنزيه ونفي الشرك يحصل بحصر ضرورة الوجود في الله سبحانه وإنّ وجوده نابع من صميم ذاته بخلاف غيره فإنّ وجوده مستعار ومكتسب من جانبه سبحانه.
ب : ما ورد في الروايات من أنّه كان الله ولم يكن معه شيء مستظهراً بأنّ المراد من الكينونة لله سبحانه ، وعدم غيره ، هو كونه في وقت مقروناً بعدم كون شيء فيه.
يلاحظ عليه : انّ الروايات المرويّة عن أئمّة أهل البيت خصوصاً ما روي عن الإمام الكاظم عليهالسلام وأبي جعفر عليهالسلام يعرب من انّ المراد غير ذلك وأنّ ما يتبادر من هذه الجملة في الأذهان البسيطة غير مراد ، ويعلم ذلك بسرد الروايات عنهم صلوات الله عليهم :
١ ـ روى الصدوق عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهماالسلام أنّه قال : إنّ الله تبارك وتعالى كان لم يزل ، بلا زمان ولا مكان وهو الآن كما كان (١).
٢ ـ ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، نوراً لا ظلام فيه ، وصادقاً لا كذب فيه ، وعالماً لا جهل فيه ، وحيّاً لا موت فيه ، وكذلك هو اليوم ، وكذلك لا يزال أبداً (٢).
٣ ـ ما ذكره الإمام الرضا عليهالسلام في جواب عمران الصابئي حيث سأله الصابئي بقوله : أخبرني عن الكائن الأوّل وعمّا خلق. قال الرضا عليهالسلام سألت فافهم : « أمّا الواحد فلم يزل واحداً كائناً لا شيء معه ، بلا حدود ، ولا اعراض ، و
__________________
(١) مسند الامام الكاظم عليهالسلام ج ١ ص ٢٧٠ ـ نقلاً عن توحيد الصدوق ص ١٧٨.
(٢) التوحيد للصدوق ـ باب صفات الذات وصفات الفعل ـ الحديث ٥ ص ١٤١.